لو كانت مسألة (التطبير) التي بدأوا يروجون لها في السنوات الماضية سائدة أيام حياة إمامنا الراحل رضوان الله عليه لوقف الإمام بوجهها، إنه عمل خاطئ البعض يمسكون بالقامات ويضربون بها رؤوسهم ليغرقوا بدمائهم، علام ذلك؟ وهل يعتبر ذلك عزاء؟ اللطم على الرؤوس هو العزاء، وعفوياً يلطم الذي نزلت به مصيبة، رأسه وصدره، هذا هو العزاء، العزاء الطبيعي، ولكن هل سمعتم أن أحداً راح يضرب رأسه بالسيف لفقده عزيزاً من أعزته؟ هل يعتبر ذلك عزاء؟ كلا، إنه وهم، ولا يمت ذلك إلى الدين بصلة، وما من شك بأن الله لا يرضى ذلك.

الإمام الخامنئي دام ظله

البعض يشتبه ويقول .. هل يعني ذلك ان بعض المراجع في وهم ؟

 

المراجع الذين يحللون هذه الشعيرة

_____________________

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

المشكلة تكمن في تطبيق القاعدة على مصاديقها فالحكم الكلي هو استحباب الجزع على الحسين عليه السلام ،  فهل ينطبق الجزع على ضرب الرأس بالقامة فمنهم من يقول بصدقه و انطباقه عليه و لهذا يرى استحبابه و منهم من لا يرى ذلك و يرى أن اعتبار ذلك جزعاً عليه صلوات الله عليه من الوهم ،  و لا مشكلة في ذلك و لا يعد ذلك إهانة للفقيه القائل بالاستحباب ففي الأبحاث العلمية و في مقام الاستدلال يقول العلماء و  الفقهاء أن هذا وهمٌ  و يقصدون أنه كلام باطل في رأيهم و لا يستند إلى دليل ،  و كم له من نظير  ،  فكل ما لا يجد الفقيه دليلا عليه يعتبره وهماً فكيف بما إذا وجد الدليل على خلافه،  كما أن الطرف المقابل أيضاً يرى أن رأي هذا الفقيه وهمٌ أي أن الأدلة لا تدل عليه أو تدل على خلافه ،  فكل منهما يرى أن الحق ما توصل إليه هو و ما يراه الآخر فليس بحق و إن كان ذلك بحسب ظاهر  الأدلة لعدم علمنا بالواقع و الحكم الواقعي الموجود في اللوح المحفوظ في المسائل الخلافية ..

و نفس الكلام يجري في كون الضرب بالقامة من الشعائر و أنه هل تنطبق قاعدة استحباب أو وجوب إقامة الشعائر و إحيائها على ضرب القامة أم لا ؟  فيأتي نفس التفصيل المذكور أعلاه فمن يقول بالإنطباق يرى الاستحباب و يرى قول القائل بالحرمة وهماً، و من يرى عدم الانطباق يحكم بعدم الاستحباب بل يحكم بالحرمة لأدلة أخرى قائمة لديه فيرى أن القول بالاستحباب وهم  .. 

و بطريق آخر نقول لهم : هل كلام القائل بحرمة التطبير  حق أم لا ( هل القائل بالحرمة واهم أم محق)  فإن قلتم أنه حق لزمكم قبوله ،  و إن قلتم أنه ليس بحق بل هو وهم ، قلنا هل يمكن القول بأن الفقهاء القائلين بالحرمة واهمون ..  فإن قلتم نعم هم واهمون في رأينا قلنا نحن أيضاً نقول بأن من يقول بالاستحباب واهم في رأينا (باؤك تجرّ و بائي لا تجرّ أو كما يقولون: كلنا في الهواء سواء) ..

هذا كله مع غض النظر عن أدلة الحرمة و لا سيما في هذا العصر فلو قلنا أن الأدلة تدل على الاستحباب أو أنها لا تدل على الحرمة على أقل تقدير ،  لو قلنا بذلك لقلنا أن هذا حكم أولي و أما الحكم الثانوي الذي يجري لأجل طروّ عناوين أخرى فهو مختلف تماماً عن الحكم الأولي ،  و من باب المثال : الصوم في شهر رمضان بحسب حكمه الأولي واجب و لكنه بحسب حكمه الثانوي حرام إذا كان مضراً أي أنه بعروض و طروّ عنوان الضرر و التضرر بالصوم يجري الحكم الثانوي و هو حرمة الصوم للمريض الذي يضر الصوم بصحته ،  و كذلك فيما نحن فيه فلو سلمنا أن ضرب القامة بحسب الحكم الأولي ليس أمراً محرما بل قلنا أنه مستحب إلا أنه يمكن القول بأن هناك عناوين ثانوية قد طرأت على التطبير في العصور المتأخرة من قبيل انتشار الأمراض و وهن الدين و إظهاره بمظهر الوحشية الموجب لابتعاد أصحاب سائر الأديان و المذاهب  عن الاسلام و عن التشيع – و هذا هو الأهم في المسألة حيث أن الأعداء مترصدون لاقتناص أمثال هذه المظاهر لإثارة شبهة وحشية الدين و المذهب و إرهابيته – و بهذا الاعتبار يأتي الحكم الثانوي و هو الحرمة ،  و بطبيعة الحال إذا كان المستحب بالحكم الأولي موجباً لوهن الدين في ظرف من الظروف أصبح أمراً محرماً بحسب حكمه الثانوي ،  و لو ثبت كونه وهناً للدين و المذهب الحق عند القائل بالاستحباب لحكم هو أيضاً بالحرمة و لا مجال له للحكم بالجواز فكيف بالاستحباب و الحال هذه و إلا لشككنا في اجتهاده فكيف بمرجعيته إلا أن الشأن كل الشأن في إثبات كونه وهناً فقد ينكر هو ذلك فلا يمكن رده عن قوله إلا بإثبات موضوع الحكم بالحرمة له و هو كونه وهناً مضافاً إلى احتمالية انتشار الأمراض و غيرها من العناوين الطارئة على التطبير في هذا العصر .. 

و طبعا – و كما أشرنا – كل ذلك فيما إذا سلّمنا كون التطبير من مصاديق الجزع على الحسين عليه السلام أو مصاديق الشعائر التي يستحب إحياؤها أحياناً و يجب أخرى بحسب الحكم الأولي و هو أول الكلام فإن من القائلين بالحرمة من ينكر أساساً كونه من الجزع المندوب إليه للحسين عليه السلام أو كونه من الشعائر  .. 

و تفصيل البحث في ذلك يستدعي الغور في الأدلة الشرعية و هو خارج عن نطاق هذا المختصر ..