بسم الله الرحمن الرحيم 

كنت قد أجبت فيما سبق على كلام للسيد الحيدري حول إثبات الإمامة عقلاً ، و تم نشره فيما سبق إلا أنه وردتني بعد ذلك استفسارات بشأن الموضوع فرأيت نشر أصل الشبهة مع الجواب مرة أخرى ، و من ثم الاستفسارات مع جوابها تعميماً للفائدة .. 

—-      —-      —-      —-      —-      —-

إثبات الإمامة عقلا 

جواباً على ما ذكره السيد الحيدري من أنه لا يمكن إثبات ضرورة أصل الإمامة بالعقل نقول : 

الأدلة العقلية على ضرورة الإمام و كون الإمامة ضرورة ، متعددة و لا أدري كيف غفل عنها أو عن دلالتها السيد الحيدري ،  فنفس أدلة ضرورة النبوة العامة أدلة كافية و متقنة لضرورة الإمامة أيضاً ، و منها قاعدة اللطف و كون الإمامة من مُقْتَضَیات الكمال المطلق و الرحمة الرحيمية الربانية و إذا لم يصدر ما هو رحمة و كمالٌ ممن هو عين الكمال و من هو الكمال المطلق لزم أن لا يكون كمالاً مطلقاً و عين الكمال و هو خلف افتراض كونه عين الكمال و الكمال المطلق – و بيانه موكول إلى محله – .. 

  هذا مضافاً إلى أن الإمامة إذا كانت لطفاً فتركها نقض لغرض الحكيم على الإطلاق حيث أن غرض الحكيم لا يتعلق إلا بما هو راجح و وجود الإنسان الكامل راجح في نفسه و لأجل أن يكون واسطة الفيض في قوسي النزول و الصعود بأن يكون مجرى الفيض الرباني فتنزل البركات المادية و المعنوية و المعرفية على الخلق من قبل الله تعالى على الناس ببركته و عن طريقه كما يكون واسطة إبقاء و تفصيل الفيض المعنوي و المعرفي و الديني ،  و في قوس الصعود هو الواسطة في تحصيل القرب العبودي إلى الله تعالى لأجل أن معرفة العقائد و الأخلاق و الأحكام تتم من خلال بيان الإنسان الكامل و ..  و الإمام كالنبي هو الإنسان الكامل .. 

  و من جهة أخرى يمكن تقسيم الأمور التي يمكن تحققها في العالم إلى خمسة أقسام  – كما يذكرها الفلاسفة في مختلف الأبحاث المتعلقة بالموجودات و بفعل الله تعالى و في حل معضلة وجود الشرور في العالم و ..  – فالشيء الذي يراد إيجاده أو جعله إما خير محض أو خيره أكثر من شره أو خيره مساوٍ لشره أو شره أكثر من خيره أو أنه شر محض و الله تعالى الكامل بالذات و على الإطلاق لا يمكن أن يصدر منه ما هو شر محض لأنه مناف لكونه عين الكمال الذي يمتنع صدور الشر المحض منه و لأنه ترجيح للمرجوح على الراجح ، و كذا لا يمكن صدور ما شره أكثر من خيره لأنه ترجيح للمرجوح على الراجح ، كما لا يصدر منه ما خيره مساوٍ لشره لكونه ترجيحاً بلا مرجح ،  فيبقى ما هو خير محض و ما خيره أكثر من شره فالله تعالى يفعل و يوجِد ما هو خير محض قطعاً ،  و كذا ما خيره أكثر من شره لأن ترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شرٌّ كثير و قد قلنا أنه لا يفعل ما شره أكثر من خيره فيلزم أن يصدر منه الخير الكثير و إن استلزم الشر القليل .. 

و إذا تبين ذلك فمن المعلوم أن الإمامة ليست شراً محضاً و لا شرها أكثر من خيرها و لا شرها مساوياً لخيرها ،  فيبقى إما أن تكون خيراً محضاً – و هي كذلك لأنها السبب المتصل بين السماء و الأرض و واسطة الفيض كما سبق و نظام الأمة و العلة المبقية للشريعة التي يراد بقاؤها إلى يوم القيامة و …  – و إما أن خيرها أكثر من شرها و على كلتا الحالتين يلزم جعلها من قِبَل الله تعالى لأنه لا يترك الخير المحض كما لا يترك الخير الأكثر لأجل الشر القليل لأن ذلك شر كثير  كما سبق ،  مضافاً إلى أنه يريد بقاء الدين إلى يوم الدين كما يريد إيصال العباد إلى الكمال و لا يمكن إلا بوجود النبي أو الإمام ، و النبي قد ارتحل عن الدنيا فيبقى أن يكون الإمام هو من يقوم بهذا الأمر و يحقق الهدف الإلهي بين العباد .. 

و هناك أدلة أخرى   

موفقين لكل خير

يوم الجمعة ٧ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ ق 

الموافق ۶ / ۱ / ۲۰۱۷ م 

                        أيوب الجعفري 

______________________________

استفسار من أحد المؤمنين ناقلاً لكلام مستشكل في الإمامة : 

* الكل يقدر انه يثبت الإمامة عقلا ونقلا ومن الكتاب وقول النبي

* بس إثبات أصلية وحتمية الإمامة بالمنظور الشيعي لا تثبت بالنص الصريح ولا العقل المتحرر من كل تبعية

* عذرا شيخنا أرسلت كلامك لأحد الاخوه وهذي جوابه كان

* عذرا انا ناقل لكلامه

—-   —-    —-   —-    —-    —-    —-    —-

* إذا تمكن كل أحد من إثبات الإمامة بالعقل و النقل و من القرآن الكريم و قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم  فالمفترض أن يكون من البديهيات أو الأمور النظرية التي يمكن معرفتها بأدنى تأمل و .. فليست ضرورة الإمامة معضلة لا يمكن إثباتها .. 

  * و أما ما كان موضوع الكلام هو أنه هل يمكن إثبات ضرورة أصل الإمامة بالعقل أم لا ؟ و ليس البحث حول إثبات مصاديق الإمامة بالعقل بل كان كلام السيد الحيدري عدم إمكان إثبات أصل الإمامة بالعقل فجاء الجواب بما أرسلته لكم  ، نعم العقل لا يثبت نبوة النبي أيضاً بل يثبت أن النبوة ضرورة و لا يمكن عدم بعث النبي لمنافاته لكونه تعالى الكمال المطلق و لحكمته و لغرض التكوين و التشريع و ..  نعم إذا صدر من مدعي النبوة معجز ثبتت نبوته و سيدرك العقل نبوته لأن المعجزة برهان على النبوة لأن المعجزة تعني الخارق للعادة و ما لا يتمكن من الإتيان به إلا من له ارتباط بعالم الملكوت و ما وراء الطبيعة و بقوة ربانية خارقة ، و بما أن النبوة أيضاً ادعاء لخارق العادة و الارتباط بعالم الملكوت و ما وراء الطبيعة فإذا صدر منه ما هو خارق لها ثبتت نبوته التي هي أيضاً من خوارق العادة لأن حكم الأمثال فيما يجوز و فيما لا يجوز واحد ..  و نفس الأمر صادق على الإمامة أيضاً فإن الإمامة ثابتة بالضرورة العقلية بالأدلة العقلية المذكورة و غيرها – كما اعترف المستشكل أيضاً – ، و بما أن الإمامة بالمنظور الشيعي منصب إلهي  و للإمام ارتباط بعالم الملكوت و معصوم و علمه لدنّي أي من لدن الله تعالى كما ورد في قوله تعالى : ” و علمناه من لدنا علماً ” فإذا صدرت منه كرامات و خوارق للعادة أدرك العقل كونه إماماً و قد ثبت صدور الخوارق للعادة من الأئمة عليهم السلام و النقل بذلك كثير جداً و قد فاق حدّ التواتر بحيث يحصل اليقين بصدور بعضها على أقل تقدير ،  فالعقل يثبت ضرورة الإمامة بطريق مباشر و إمامة الأئمة عليهم السلام بشكل غير مباشر   

   و أما القول بأن الإمامة بالمنظور الشيعي لم  تثبت بالنقل فغير صحيح فإن الأدلة الدالة على الإمامة و إمامة الأئمة و عصمتهم الكبرى التي لها مدخلية في الإمامة في المصطلح الكلامي بل هي من عناصرها و كذا سائر العناصر الدخيلة فيها ، كثيرة جداً ،  فيكفينا جعل الولاية الإلهية لهم في آية الولاية و الأمر بطاعتهم بقول مطلق في آية طاعة أولياء الأمور و إثبات العصمة العليا لهم في آية التطهير  و حديث الثقلين ، و آية المباهلة المثبتة لكون أمير المؤمنين نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم و كون علي مع الحق و الحق معه يدور حيثما دار و أنه مع القرآن و القرآن معه يدور حيثما دار و … ناهيك عن رواياتنا الكثيرة التي تصرح بالإمامة و صفاتها و صفات الإمامة التي لا تكون إلا في الإمام بالمصطلح الشيعي و قد صرحت بأسمائهم عليهم  السلام … . 

                       أيوب الجعفري 

____________________________________

المستفسر المحترم : 

الأشكال لديهم انه أصل من أصول الدين مثل الحج. .النبوة….الصلاه …وغيرها لها دليل واضح عباره عن آيات ثابتة محكمة في القرآن فكيف  نثبت الأمامه بآية واضحه محكمة. ..وعلى حسب الأخ انه لاتوجد آيه محكه عن الأمامه (طبعا نتكلم عن منظور الأمامه عند الشيعه )

والأشكال الثاني أنه حتى أحاديث الشيعه لاتوجد بها أحاديث صحاح وحبذا ذكر كتاب جمع فقط 10 أحاديث صحيحه (على حسب قوله )

—-    —-    —-    —-    —-    —-    —-    —-

  * أولاً إذا قبلتم بأنه  بمقدور الجميع إثبات الإمامة لزم أن تكون أدلتها من المحكمات فأن ما يمكن إثباته من قِبَل كل أحد فلا بد أن يكون دليله من المحكمات قطعاً لا المتشابهات ..

    * و ثانياً ليست الإمامة بمنزلة الصلاة و الصوم و الحج فإن هذه الواجبات من فروع الدين ،  بل الإمامة من الأصول سواء قلنا بأنها من أصول الدين أو أصول المذهب  على الخلاف ،  و الأدلة الشرعية و الروايات التي تثبت الإمامة بالمنظور الشيعي كثيرة و فيها الصحاح و الروايات المعتبرة  – مع أن المتواتر لا يحتاج إلى سند – و قد كتب أستاذنا المعظم الشيخ التبريزي قدس سره الشريف كتيباً جمع فيه بعض الروايات الصحيحة الدالة على الأئمة و الإمامة …

موفقين لكل خير

أيوب الجعفري