السلام عليكم 

الشيخ ياسر العودة باحث ويتكلم عن تخاريف و بدع الشيعة يجب ان نستفيد منه

 انا سمعت حتي التقليد بدعة عند الشيعة ما كان في شي اسمه تقليد في السابق  وشكرا لكم

_____________________________________

 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

إن صدق عليه أنه باحث  – و في الأوساط العلمائية لايطلقون الباحث على كل من يبحث إلا إذا كان بحثه مبتنياً على أسس علمية  – فهو باحث غير دقيق في فهم معارف الدين و لهذا يستشكل في أمور أولاً هي ثابتة و ثانياً بإشكالات غير واردة و ثالثاً على أمور لها أدلة قاطعة إما من الشرع أو العقل أو كليهما … 

و أما التقليد فقد ورد في الروايات عن أهل البيت عليهم السلام إرجاع الناس إلى العلماء و أخذ أحكام الدين منهم  سواء سميناه تقليداً أم لم نسمِّه ذلك ، بل قد ورد لفظ التقليد في بعض الروايات أيضاً ،  مضافاً إلى أن القرآن يُرجع الناس إذا لم يعلموا أمراً ما إلى أهل الذكر : ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” و أهل الذكر و إن كان مصداقه الأعلى و الأتم أهل البيت عليهم السلام و لكن لا ينحصر بهم عليهم السلام فكل من يكون على علم بحكم من الأحكام فهو من أهل الذكر بذلك الحكم ، و إذا كان من أهل العلم بجميع أحكام الدين سواء بالعلم و اليقين أو بحجة شرعية بينه و بين ربه تعالى فهو أهل الذكر .. ( و الروايات التي تفسر أهل الذكر بأهل البيت فإنما هي تفسيره مصداقاً لا مفهومياً فإن التفاسير الروائية عادةً تفسر بالمصداق لا المفهوم و لكن قد  تذكر المصداق الجلي و قد تذكر المصداق الخفي و قد تذكر المصداق الأعلى و قد تذكر المصداق المختلف فيه ، و لكل ذلك أمثلة يطول الكلام بذكرها ) كما يمكن استشمام ضرورة الأعلمية في المرجع الذي يلزم الرجوع إليه من قوله تعالى : ” فبشّر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ” و أحسن الأقوال لمن لا يتمكن من تشخيص الأدلة و قوتها هو قول الأعلم و من يكون تخصصه في مرتبة أعلى من غيره ، نعم أحسن الأقوال للباحث في أحكام الدين الذي يتمكن من التحقيق في الأدلة الشرعية و تشخيص ما يوافق الموازين العلمية من غيرها يختلف عن الأحسن لدى عامة الناس،  فقد يرى الباحث المحقق أن قول الفقيه الفلاني في هذه المسألة أحسن الأقوال لكونه أقوى استدلالاً  و دليله أوفق بالقواعد العلمية و الأدلة الشرعية و لكن قول غيره في غير تلك المسألة أقوى منه و  هكذا … 

  و من جانب آخر لا يمكن نسبة كل شيء إلى البدعة بمجرد أن لم نجد دليلاً عليه فإن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود ، و العلماء  الأخصائيون الذين لا شك و لا ريب في تقواهم كلهم جميعاً يرون التقليد و لا ريب أنهم كانوا و لا زالوا يدققون في الأدلة كي يفهموا حكم الله بحيث يكون حجة بينهم و بين الله تعالى و قد كانوا و لا زالوا يدققون في كل كلمة كلمة من الآيات و الروايات و كذا عبارات الفقهاء السابقين كي لا يقعوا في خلاف الواقع قدر الامكان ،  فهل من الممكن أن يكونوا قد ذكروا شيئاً لا أثر منه في الدين و أنهم اخترعوا من أنفسهم شيئاً ليس من الدين في شيء في حين أنهم في الموارد التي لا يجدون دليلاً على حكم ما و لكن وجدوا الكثير من الفقهاء قد أفتوا به و لا سيما إذا كانوا من القدماء فيحتملوا أنه كان لديهم دليل على ذلك و لكن لم يصلهم ذلك الدليل ، أو أنهم قد فهموا من الدليل شيئاً خلاف ما فهمه هؤلاء و…  ،  نعم في أمثال هذه الموارد يحتاطون وجوباً في بعض الأحيان بحكم كي لا يقع المكلف المقلد في خلاف الواقع ،  فهل من المعقول أن يكون أمثال هؤلاء المحققين في أحكام الله تعالى قد اخترعوا شيئاً من أنفسهم و نسبوه إلى الدين و على حد تعبير من نقلتم عنه : أتوا ببدعة في الدين؟  ألا يخاف الله تعالى من يحتاط بهذه الدرجة في جزئيات المسائل الدينية فيبتدع في الدين ،  و أتصور أن المقال الذي كتبه هذا العبد فيما سبق في موضوع التقليد كافٍ و وافٍ بإثبات ضرورة المرجعية و التقليد..  مضافاً إلى كون النقليد و اتباع قول المتخصص أمراً عقلائياً قد أمضاه الشارع المقدس ،  لا بعدم النهي عنه فحسب بل بالأمر به و بإرجاع الناس إلى العارفين بأحكام الله تعالى كما بيّنا ذلك في المقال المشار إليه…. 

  و من جانب ثالث : البدعة هي إدخال ما ليس من الدين فيه ، كأن يخترع الانسان عبادة من نفسه أو يبتدع الجماعة في الصلوات المندوبة غير صلاة الاستسقاء  – و أما صلاة العيد فهي واجبة في أصل الشريعة و إن كانت مندوبة في عصر الغيبة فيجوز فيها الجماعة على المشهور – أو يضيف مستحباً أو جزءاً واجباً في الصلاة كالتكتف و قول آمين من قبل نفسه أو .. و أما إذا لم ينسب شيئاً إلى الدين من قبل نفسه أو لم يُرد القول بأن هذا العمل جزء من الدين أو نسبه إلى الدين لأجل دليل قام لديه ، فلا يعد شيء من ذلك من البدعة ،  و التقليد ليس شيئاً قد اخترعه العلماء و أسندوه إلى الشرع و الشارع المقدس بل قد استنبطوه من الأدلة الشرعية أولاً ، و  هوطريق لوصول عامة الناس إلى أحكام الدين وليس إدخالاً لما ليس من الدين فيه ثانياً ، و هو محل وفاق بين جميع العلماء من القدماء و المتأخرين و المعاصرين و ليس شيئاً جديداً ثالثاً ،  نعم تغير أسلوب الفقهاء في كتابة الكتب الفقهية لعامة الناس فالعلماء كانوا يكتبون نص الروايات التي يرون اعتبارها و يضعونها بمتناول الناس على أنها فتاواهم و لكن المتأخرين و المعاصرين يكتبون الأحكام المستفادة من تلك الأدلة و الروايات بعباراتهم أنفسهم حسب ما يفهمون منها ،  فباعتبار أن فهم الروايات يتوقف على فهم دقائق اللغة العربية و قواعدها و علم البلاغة و معرفة الدقائق العلمية الأخرى المذكورة في علم الأصول و غيره – و التي قد أشرنا إلى بعضها في مقال ضرورة المرجعية – بهذه الاعتبارات و أمثالها لم يكتبوا نصوص الروايات كي لا يفهم منها عامة الناس ما ليس مقصوداً للمعصوم عليه السلام مضافاً إلى أنه قد يتوقف فهم المقصود منها على فهم روايات أخرى و  الاطلاع على الروايات المقيِّدة أو المخصِّصة أو المبيِّنة لإجمال هذه الرواية التي يراد الافتاء وفقها و.. فالاختلاف بين القدماء و من بعدهم  إنما هو في أسلوب كتابة الأحكام و طريقة بيانها للناس لا في أصل التقليد فإنهم متفقون على أن من لا علم له في اللغة العربية بجميع شعبها من النحو و الصرف و البلاغة ،  و ليس له تخصص في علم الأصول و الرجال و الدراية ،  و من لا إلمام له بفقه الحديث و لا يعلم بآيات الأحكام لا عددها و لا مضامينها و لا الروايات الناظرة إليها و … يجب عليه مراجعة الأخصائي في هذه العلوم ،  و شأن الفقه في هذا المجال شأن سائر العلوم حيث أن جميع العقلاء – لا العلماء فحسب – متفقون بأن من لا تخصص له في شيء يلزمه مراجعة الأخصائي و أن المريض يجب عليه مراجعة الطبيب لا أن يعالج نفسه  و … 

فتبين أن ذلك بعيد عن البدعة كل البعد مفهوماً و مصداقاً  كما لا يخفى على أمثالكم .. 

و بارك الله فيكم و وفقكم لكل خير و لا تنسوني من صالح دعواتكم الخالصة