السلام عليكم شيخنا العزيز
مأجورين و مثابين ان شاء الله
البعض يُشكِل ويقول
بأن شراء العبيد لايمكن تطبيقه في هذا العصر ، حيث أن المعاملة تختلف و متطلبات العصر ، نعم ماكان يفعله الامام السجاد صلوات الله عليه في شراء العبيد ، فقد كان الامام يطلق سراحهم و يُرَبّيهم ، و هذا لا اشكال فيه ، اما شراءهم على أساس أنهم خدم ، فإن هذا الحكم لا يصلح لهذا العصر ، فالناس أحرار
أمر آخر .. وهو بخصوص قراءة كتب الضلال .. هل الإنجيل منها وغيرها من هذه الكتب؟ الإنسان لديه العقل و يعرف تمييز الحق من الباطل ، فكيف يحرم عليه قراءة الباطل وهو لديه الحق و مؤمن بالحق ، كيف سيتثقف المجتمع البشري اذا لم يعرف أدلة الباطل ، و كذلك التعمّق في القراءة لن تؤثر في الشخص اذا كانت درجة إيمانه قويّة ، أليس هذا من التحجُّر و الضعف ؟! فيما اذا ترك الانسان قراءة كتب الضلال خوفاً على دينه!
_____________________________________
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
١ – نظام العبيد و الإماء كان موجوداً من زمن الجاهلية و لم يكن من الممكن نسخ و إلغاء ذلك مباشرة بمجرد ظهور الاسلام فإن ذلك غير عملي لوجود العبيد و الاماء في غالبية البيوت آنذاك أولاً ، و لما آمن الكثير ممن كان يملك العبيد و الإماء ثانياً ، و بيان الأحكام الشرعية كان تدريجياً و من جملة حِکَم ذلك عدم تنفير الناس عن الاسلام كما أن الخمر أيضاً كان محرماً من بداية نزول الوحي بل في الأديان السابقة أيضاً و لكن لأجل أن الكثير كانوا مدمني الخمر أو لا أقل من أنهم كانوا يشربونها آنذاك تم تبيين حرمتها بالتدريج كي لا يبتعد هؤلاء عن قبول الدين الاسلامي – كما بيّنا ذلك في بعض الأجوبة على بعض الشبهات – و… فرأى الإسلام أن إلغاء هذا النظام – نظام الرقية – بشكل دفعي و آني غير ممكن و لا معقول و لا مقبول فاستفاد من هذا النظام السائد لتربية العبيد وفقاً للتربية الإسلامية الإلهية ، ثم وضع طرقاً كثيرة لتحريرهم تؤدي إلى زوال هذا النظام بمرور الأيام و تدريجياً فجعل تحرير العبيد والإماء كفارة لكثير من الذنوب في الصوم و القتل و الظهار و و النذر و اليمين و العهد و … كما قام بترغيب الناس بعتق الرقاب و قرّر عليه الثواب العظيم و .. فكان الأئمة عليهم السلام يعملون بذلك و يطبقون هذا التدبير الاسلامي لتربية العبيد و من ثم تحريرهم كما أن من المسلمين من كان يقتدي بهم فيشتري العبيد و يحررهم و منهم من كان يحرر العبيد لأجل الافطار العمدي في شهر رمضان أو لأجل قتل الغير خطئاً و… و نرى أن ذلك أدى إلى زوال نظام العبيد و الإماء في الأمة الاسلامية فلا يوجد عبد و أمة في مجتمعاتنا و لولا هذا التدبير الاسلامي لكان هذا النظام سائداً إلى يومنا هذا .. فما ذكرناه في المحاضرة هو ما كان يقوم به الامام السجاد عليه السلام في تطبيق هذه السياسة ، و أي عمل أعظم من أن يشتري عبيداً فيربيهم تربية اسلامية و يوصلهم أحياناً إلى مدارج عالية من الإيمان و التقوى بحيث أصبح بعضهم مستجاب الدعوة لم يَدْعُ بشيء إلا استجاب الله تعالى له دعاءه حسب بعض النقول .. ثم يقوم بتحرير و إعطائهم مبلغاً من المال كي يتمكنوا من إعاشة أنفسهم و يتاجروا به و يحفظوا به ماء وجههم و …
فتبين أن الاسلام و أئمة المسلمين عليهم السلام كانوا يستفيدون من هذا النظام لأمرين هما في غاية الأهمية دينياً و اجتماعياً : التربية الاسلامية و التحرير ، ففي عصرنا لا يوجد عبد أو أمة كي يقال بأن ذلك لا يتناسب و عصرنا و … و ذلك – زوال هذا النظام غير اللائق بالمجتمعات الاسلامية – بفضل التدبير الإلهي و عمل المعصومين و المقتدين بهم عليهم السلام …
٢ – إذا كان الانسان محصَّناً بالمعرفة الدينية و كان من أهل الاختصاص فيها لم يكن بأس بقراءة كتب الضلال بل قد يجب ذلك أحياناً للرد عليها و تحصين المجتمع الاسلامي من الانحراف و التحريف ، فليس المنع من قراءة تلك الكتب ضعفاً في الدين بل هو تحصين للمؤمنين من الانحراف ، و حفاظ على الدين من التحريف ، و قد جاء الدين لهداية الناس إلى الكمال و السعادة في الدارين فلا يمكن أن يسمح لمن ليس له معرفة دينية عميقة و هو في معرض الانحراف أن يقرأ أو يستمع إلى الباطل – الذي هو باطل حقاً و ليس لأجل أنه مخالف لنا – فإن ذلك نقض لغرض بعث الأنبياء و تنصيب الأئمة و الأولياء و إجراء المعاجز و الكرامات على أيديهم و .. ، فإذا تمكن الشخص من معرفة الدين بوجه جمعي مترابط بالأدلة الشرعية و العقلية جاز له قراءة تلكؤالكتب بل قلنا أنه قد يجب ، و الدين غني بالمعارف والعقائد و.. و بالبراهين التي يقيمها عليها و الضعف ممن لم يتعلم تلك المعارف بأدلتها و براهينها ..
و بارك الله فيكم و وفقكم لكل خير و لا تنسوني من صالح دعواتكم الخالصة