شيخنا الفاضل :
ما رأي سماحتكم في هذه الفتوى الشامية ؟.
( و الجدير بالذكر أن أحد فضلاً الأساتذة أرسل لي مقطعاً من فيديو يتحدث فيه أحد مشايخ الشام نيابة عن علماء الشام و يفتي بجواز أن تقترح الحرائر عبودية أنفسهن للرجال قبال كسوتهن و نفقاتهن و… و ذلك لأجل حل معضلة كثرة النساء و قلة الرجال لأجل الحروب القائمة و انحصار طريق حل المعضلة بذلك ، و يستند في ذلك إلى بعض رواياتهم الدالة على أنه ستلوذ النساء في آخر الزمان بالرجال فيكون مع الرجل الواحد أربعون أو خمسون امرأة و… )
_____________________________________
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يجوز للحر أن يستعبد نفسه ليصبح رقاً و عبداً أو أمة لغيره ، و ما ذكره من الدليل غير صحيح و ذلك أن الروايات التي ينقلها – إن صحت على مبانيهم و كانت حجة شرعية – فهي أجنبية عن المطلوب فإنها تتحدث عما يحدث في آخر الزمان لا عن جواز ذلك ، مضافاً إلى أنه يستند المتحدث إلى انحصار طريق حل معضلة كون عدد النساء أكثر من الرجال في ذلك ، في حين أن انحصار الطريق في أمثال هذه الموارد لا يستلزم جواز ارتكاب الحرام فإنه لو كان استرقاقهن باطلاً لم تنحل المعضلة فيصبح الاستمتاع بهن محرماً كما كان قبل الاسترقاق ، فالالتجاء إلى الاسترقاق فرار من الحرام إلى نفس ذلك الحرام و ليس حلاً للمعضلة ..
هذا أولاً ، و أما ثانياً فلا ينحصر طريق حل المشكلة بذلك لولا التعصبات المذهبية فإن الزواج المؤقت خير علاج لذلك حيث أنه لا يستلزم ارتكاب محرم من حيث الاستمتاع – فإن القرآن ناطق به و ليس لدينا آية تنسخ آية الزواج المؤقت ، و الروايات أيضاً لا يمكن أن تكون ناسخة لما ورد في الكتاب – و لا من حيث استعباد الحرائر ، مضافاً إلى أن ذلك – أي الزواج المؤقت – حل للمشكلة إلى أن تستقر الأوضاع فتتمكن من العودة إلى حياتها الطبيعية بخلاف ما إذا أصبحت أمة لغيرها فإنها ستكون ملك الغير و لا تتمكن من تحرير نفسها و العودة إلى حياتها الطبيعية ما لم يَشَأْ مولاها ، و قد ذكرنا في مكتوب سابق أن الاسلام لم يكن الواضع لنظام الاسترقاق و لكنه لم يتمكن من إزالة هذا النظام السائد آنذاك بشكل دفعي فوضع أحكاماً تؤدي إلى زواله تدريجياً و قد حدث ذلك بالفعل ، فالإسلام وضع أحكاماً تؤدي إلى تحرير الإماء و العبيد و إزالة هذا النظام و أنتم تريدون بأمثال هذه الفتاوى الرجوع إلى ذلك النظام .. فلماذا لا ترجعون إلى الحكم الإلهي بشأن الزواج المؤقت و هو حكم مصرح به في القرآن الكريم … و روايات الفريقين تدل على أن الآية نزلت في الزواج المؤقت ؟! و هي – أي الآية – تدل بكل وضوح على جواز هذا النوع من الزواج حيث تقول : ” .. و أحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهم فريضة و لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليماً حكيماً ” و في المقابل لا توجد آية تدل على جواز استرقاق الحرائر المسلمات أو جواز أن يقترح حر أو حرة من المسلمين عبودية نفسه لغيره …
موفقين لكل خير