بسم الرحمن الرحيم

 وردني مقال ذكروا فيه بعض الاشكالات على المذهب الإثني عشري و هي في الواقع مجرد ادعاءات إما بلا دليل أو بأدلة واهية يُعرف بطلانها بأدنى تأمل، و إليكم خلاصة ما وردني من كلامهم :

يلزم من القول بالإمامة إلى اثني عشر اماماً  انكار العدل الالهي،  و اهمال الامة بعد الامام الحسن العسكري عليه السلام بلا أمر بالمعروف و لا نهي عن المنكر .. ثم يذكر آيات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر  .. 

و المشكلة الأخرى عدم إظهار النبي صلى الله عليه و آله و سلم إمامة سائر الأئمة كما أظهرها لأمير المؤمنين عليه السلام في غدير خم .. 

و ثالثاً الأمة بأسرها تنكر وجود الإمام الثاني عشر ،  و الإمامية لما لم تستطع أن تبرهن على وجوده ادعوا غيبته و الغيبة تستلزم أصنافا من القبائح

______________________________________

 الجواب :   

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

* الامامية الإثني عشرية  تبتني أساساً على العدل ، والعدل من جملة أصول الدين عندهم خلافاً للأشاعرة من أهل السنة و لا ملازمة بين القول بكون الأئمة اثني عشر إماماً و بين نفي العدل و الحكمة بل العدل و الحكمة يقتضيان جعل الإمامة و تنصيب الأئمة لهداية الأمة وهذا ما يتطلب بيانُه مجالا أوسع قد نُوَفَّق لبيانه ضمن موضوع آخر ،  فما ذكره هذا الكاتب مجرد ادعاء خال عن الدليل و البرهان ..

 

و أما الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فمن قال أن الذي يجب أن يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر هو الإمام المعصوم عليه السلام فقط ،  هذه الفريضة ملقاة على عاتق جميع المكلفين بنحو الوجوب الكفائي ،  و الإثنى عشرية قد فتحوا في الفقه باباً أو كتاباً تحت عنوان الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ،  و ألفوا كتباً كثيرة في تبيين هذه الفريضة و شروطها و آثارها و بركاتها و عقاب تركها و .. و مع التدقيق يتبين أن من ترك العمل الدقيق بهذه الفريضة هو من ترك اتّباع الأئمة المعصومين عليهم السلام حيث أنه يبتلى بعدم معرفة الواجبات و المحرمات و سائر الأحكام عن مصادرها الشرعية الصحيحة …  و للكلام في هذا الموضوع مجال واسع .. 

 إذن لا ملازمة بين الاعتقاد بالامامة و غيبة الامام الثاني عشر و بين ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لأن هذه الفريضة غير منحصرة بالامام المعصوم عليه السلام فغير المعصوم أيضاً يقوم بها على أساس القرآن و السنة المباركة و الأحاديث المعتبرة من أهل البيت عليهم السلام ،  و من الناحية العملية و التطبيق أيضاً لم يترك الإمامية الإثنى عشرية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر  بل قد قاموا به طوال التاريخ  ، و الثورة الاسلامية التي قام بها أحد كبار المراجع من المذهب الاثني عشرية من أكبر مصاديق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر … 

  فسرد آيات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يفيدكم فإن المهم الاستدلال بالآيات لإثبات أن طائفة ما لا تقوم بواجبها لا  سرد الآيات مع ادعاء ترك الواجب من قبل أتباع تلك الطائفة لأجل غياب من يعتقدون إمامته.. 

و نفس الكلام جارٍ في مسألة فصل الخصومات و الجهاد و … 

  *  الأحاديث الواردة في الإمامة و إمامة كل واحد من الأئمة عليهم السلام ليست آحاداً بل هناك المئات من الأحاديث التي تدل على الإمامة وإمامة الإثني عشر  عليهم السلام و كثير منها معتبرة و قد ألف المرحوم الشيخ التبريزي قدس سره الشريف كتاباً مستقلاً جمع فيه الروايات المعتبرة في إثبات إمامة كل واحد منهم عليهم السلام .. 

*  أضف إلى ذلك الأدعية والزيارات و الخطب التوحيدية و الأحاديث الأخلاقية و المعرفية  و … الصادرة منهم صلوات الله عليهم أجمعين فإنها  من أفضل الأدلة على عصمتهم و إمامتهم حيث أنها تشتمل على معارف توحيدية عميقة جداً كثيرٌ منها لم يخطر ببال أحد من العلماء و الفلاسفة ،  كما أن لهم مناظرات مع الآخرين يثبتون فيها إمامتهم و ولايتهم الربانية ، أضف إلى ذلك  الكرامات التي صدرت منهم و الروايات الناقلة لتلك مئات بل آلاف من الأحاديث التي يقطع الانسان بصحة بعضها على أقل تقدير  .. 

   * و أما غيبة الإمام عليه السلام فقد دلت عليها عشرات بل مئات الروايات و لها حِکَمٌ مذكورة في محلها .. 

* و أما أن الإمام الثاني عشر غير موجود و الأمة بأسرها تنكر وجوده ،  فهو من الغرائب فإن الشيعة الإثني عشرية و هم مئات الملايين من هذه الأمة يعتقدون بوجوده و ولادته و غبته و طول عمره و قد استدل علماؤهم على إمكان طول العمر و أجابو على الشبهات بأجوبة حلية و نقضية ،  و الروايات المتعلقة بالمهدوية في مختلف جوانبها كثيرة جداً جداً ،  مضافاً إلى أن ذلك لا ينحصر بالشيعة فقد نقل بعض الأعلام ولادته عليه السلام نقلا عن العشرات  من مصادر أهل السنة ،  مضافاً إلى الروايات الصحيحة الدالة على ولادته و الدالة على أن الامام الحسن العسكري عليه السلام وضع الامام صاحب الأمر بمرأى كثير من المؤمنين ليشهدوا بأنه موجود و قد وُلد ..  كما أنه عليه السلام أخبر بعضَهم بأنه – أي الإمام صاحب الأمر – عليه السلام سيخبركم بعد استشهادي عن أمور لا يعرفها غير الامام المعصوم من المغيبات  و … فيكون ذلك دليلا على أنه الامام لا غيره .. 

و للكلام في إثبات الإمامة بشكل عام و إمامة كل إمام من الأئمة الإثني عشر مجال واسع و فيه أبحاث كثيرة في فصول متعددة و تحت عناوين متكثرة يلزم مراجعة المفصلات من كتب الإمامية لمعرفتها و الاطلاع عليها ..

               أيوب الجعفري