السلام عليكم شيخنا الجليل
هل الانسانية بحاجة الى الامام المهدي عج؟ وما هي حاجتهم اليه؟
أليس القرآن واحاديث الأئمة كافية لان تلبي كل طلبات الانسانية وتجيب على كل استفساراته؟
وشكرا لكم
______________________________________________
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجود القرآن الكريم و العترة الطاهرة و هما الثقلان اللذان تركهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمته، هو الضامن لهداية البشرية و سائر المكلفين إلى ما فيه صلاحهم و كمالهم و سعادتهم ، و قد أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدم افتراقهما إلى وقت ورودهما عليه عند الحوض ، و عدم الافتراق مضافاً إلى دلالاته العظيمة على كثير من الصفات الكمالية و الفضائل الروحانية و .. لأهل البيت عليهم السلام و مضافاً إلى ما يدل عليه بشأن صاحب الأمر عليه السلام من الحياة و طول العمر و … يشتمل على حِکَم كثيرة منها أن تطبيق القرآن و العمل به بشكل صحيح في جميع الأبعاد الفردية و الإجتماعية لا يمكن إلا مع وجود من يعرف جميع القرآن ظاهره و باطنه ، و لا يعرف ذلك غير المعصوم عليه السلام ، و منها سوق الناس نحو التمسك بالقرآن و العترة الطاهرة معاً لأنهما – و كما أشرنا – مكملان لبعضهما البعض فالقرآن مشتمل على جميع ما يحتاج إليه البشرية بل جميع المكلفين في جميع الأبعاد و لا سيما المعارف الإلهية ، بل قد ورد أنه لا يوجد أمر يختلف فيه اثنان إلا و في كتاب الله أصله و لكن لا تبلغه عقول الرجال ، فالقرآن و إن كان كذلك و لكن البشرية لا تعرف و لا تتمكن أن تعرف جميع ما فيه و لا يمكن التعرف على ما ورد فيه إلا عن طريق من هو عِدْلٌ للقرآن الكريم و هو المعصوم بالعصمة الكبرى المتمثل في رسول الله و أهل بيته عليهم السلام ف- إنما يعرف القرآن من خوطب به – و لمن خوطب بالقرآن مراتب مختلفة فعامة الناس قد خوطبوا بعبارات القرآن و ظاهره – هذا بيان للناس – و العلماء قد خوطبوا بإشاراته، و الأولياء بلطائفه و الأنبياء بحقائقه كما ورد في حديث عن أمير المؤمنين و الإمام الصادق عليهما السلام أنهما قالا : ” إن كتاب الله على أربعة أشياء على العبارة و الإشارة و اللطائف و الحقائق ، فالعبارة للعوام و الإشارة للخواص و اللطائف للأولياء و الحقائق للأنبياء ” فالمعصومون عليهم قد خوطبوا بجميع القرآن لأن المخاطب بالاعلى مخاطب بما دون تلك المرتبة أيضاً فهو يعرف تلك المرتبة التي خوطب بها و ما دونه من المراتب فالمعصوم المخاطب بالحقائق العارف بها مخاطب و عارف باللطائف و الإشارات و العبارات أيضاً و أما غير المعصومين عليهم السلام فقد خوطبوا بالقرآن بحسب مراتبهم فلا يعرفون المرتبة الأعلى من مرتبتهم فلم يخاطَبوا بما فوق مرتبتهم ، فيجب أن يوجد من يعرف جميع المراتب ليبين للناس ما نُزّل إليهم مضافاً إلى تطبيق قوانين القرآن على المجتمع و … ، و الأحاديث و إن كانت كفيلة بالبيان إلا أن الأحاديث غير السنة الثابتة و غير العترة الطاهرة فإن فيها ما هو موضوع و فيها المتعارضات و فيها ما هو منقول بالمعنى و قد يكون الراوي لم يفهم الحديث صحيحاً فنقله حسب ما فهمه من المعنى ، و فيها ما هو مقطوع الأول أو الآخر و و … ( نعم في القرآن و الأحاديث ما يلبي حالات البشرية و المكلفين و لكن عدم وجود المعصوم يؤدي إلى الإستفادة منهما في حدود خاصة .. ) هذا مضافاً إلى أن الأمة تحتاج إلى قائد إلهي و لا يكفي وجود القرآن و الحديث من دون ذلك القائد الإلهي و المفسر المعصوم للقرآن الكريم في نيل السعادة و بلوغ درجات الكمال و بسط العدل و … ، و هذا ما يؤيده الواقع الذي نعيشه و عاشه من قبلنا أيضاً حيث أن الفقهاء مختلفون في كثير من الأحكام ، و الحكام حريصون على حفظ المناصب ، و أصحاب الأهواء يفسرون القرآن حسبما تشتهيه أنفسهم و أهواؤهم و الشبهات العقائدية و المفاسد الأخلاقية منتشرة و تزداد يوماً بعد يوم ، و الظلم في جميع جوانبه قد ملأ المعمورة و هو في تزايد مستمر و … مع أن القرآن موجود بين أيدينا و الأحاديث بمتناولنا ، فلو كان ذلك كافياً في تحقيق المقاصد الإلهية لكانت قد تحققت منذ أمد بعيد و لما كان الظلم و الفساد منتشراً و لما كانت هناك نزاع و اختلافات دينية و مذهبية و داخل المذاهب و … و الخلاصة أن صاحب الأمر عليه السلام هو من يحقق جميع أهداف و آمال جميع الأنبياء و الأئمة و الأولياء عليهم صلوات الله الملك المنان … فلا استغناء عنه
و طبعاً يترتب على ما ذكرنا أبحاث كثيرة حول المهدي عجل الله فرجه لا نتمكن من الغور فيها في هذا المختصر …
وفقنا الله و إياكم لمعرفة الدين و العمل به بحق محمد و آله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين..
أيوب الجعفري