شيخنا.. سؤال بخصوص الرواية الشريفة:

عن جابر بن يزيد، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله عز وجل: (أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد) قال: يا جابر تأويل ذلك أن الله عز وجل إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم وسكن أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار جدد الله عالما غير هذا العالم وجدد خلقا من غير فحولة ولا إناث يعبدونه ويوحدونه، وخلق لهم أرضا غير هذه الأرض تحملهم، وسماء غير هذه السماء تظلهم، لعلك ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد، وترى أن الله لم يخلق بشرا غيركم، بلى والله لقد خلق الله ألف ألف عالم، وألف ألف آدم أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين . التوحيد للصدوق رحمه الله  باب ٣٨ الحديث ٢ . 

و لها نظائر في جملة من الروايات الشريفة عن الصادقين عليهم السلام، حيث يقول المعصوم في ذيلها “..وأنا حجة الله عليهم…”

أرجو أن تبين لنا هذا الأمر الذي يحير العقول.. ألهم قرآن غير قرآننا؟ وأئمة غير أئمتنا؟

واستوقفتني في هذه الرواية “وانت في آخر تلك العوالم واولئك الآدميين”  

كيف سيخلق الله غيرنا ونحن آخرهم؟؟

______________________________________

  * إذا كان الإمام عليه السلام حجة الله عليهم فمعناه أنه ليس لهم قرآن آخر و أئمة آخرون بل هم من أمة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله و تشملهم الرسالة الختمية .. و ليس هذا أمراً غريباً فإن الكون عالمٌ عظيم من الناحية الجسمانية و المادية فكيف بالبعد التجردي منه ،  فقد اكتشف البشر إلى الآن مأتي مليار مجرة و يقولون بأن جميع تلك المجرات لا تشکِّل إلا أربعة في المأة من العالم الجسماني ،  أفلا نحتمل أن يكون هناك موجودات عاقلة في سائر الأفلاك و المجرات أو حتى في مجرتنا ؟ من الناحية العقلية لا نقطع بوجود موجودات عاقلة أخرى و لكن العقل لا ينفي احتمال وجودها بمعنى أنه لا يوجد ما يوجب الحكم باستحالة وجودها بل العقل يحكم بشكل قاطع بوجود هذ الاحتمال و بعبارة أخرى لا نقطع بوجودها و لكن نقطع باحتمال وجودها  ،  و لكن احتمال وجودها لا يكفي في إثبات وجودها فنحتاج إلى دليل يثبت ذلك ،  و العلوم التجريبية و علماء الفلك لم يتمكنوا إلى الآن من إثبات وجود الحياة في الكرام و الأفلاك الأخرى و لكنهم يحتملون ذلك و لهذا كانوا و لا زالوا يبحثون و يدرسون الكون و العلم الجسماني ليتبين لهم وجود الحياة من عدمها  و لولا إمكان الحياة و وجود موجودات أخرى في الأفلاك العلوية لما بحث العلماء عنها فالعاقل لا يبحث عما يقطع بعدمه –  كما نقول في مبحث الدعاء أيضاً أن العاقل لا يدعو الله بما لا يمكن تحققه أو يمكن و لكن يعلم بعدم تحققه .. – 

   و إذا أثبت العقل و العلم معاً إمكان وجود عوالم أخرى كان علينا مراجعة النصوص الدينية فإن كان فيها ما يدل على وجودها قبلنا ذلك و صدّفنا و إن لم يكن فيها ما يدل على ذلك بقينا على الحالة الأولى و هي احتمالية وجودها بلا إثبات أو نفي ،  و بما أن هناك روايات تدل على ذلك كالتي نقلتموها نتمكن من الإعتقاد بوجودها ،  و بما أن المستفاد من تلك الروايات أن فيها موجودات عاقلة فيلزم أن يكونوا مكلفين و إذا كانوا مكلفين لزم أن تكون لهم و عليهم حجة كما لنا و علينا ،  و الروايات قد أثبتت أن الحجة عليهم هم الأئمة عليهم السلام ، فلا غرابة في وجود موجودات حية عاقلة غيرنا أولاً و لا عجب في كون النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرسلاً إليهم أيضاً ثانياً كما لا عجب في كون الأئمة المعصومين عليهم  السلام حجج الله عليهم ثالثاً ( كما أن الأنبياء صلوات الله عليهم أنبياء للبشر و الجن معاً و الأئمة عليهم السلام حجج الله تعالى على الإنس و الجن معاً أيضاً ) ..

 * لا تنافي بين الأمرين فإن هذا الإنسان الذي يعيش على الكرة الأرضية هو النسل الإنساني الأخير قبل قيام القيامة ، فإن المستفاد من الروايات أن الله تعالى خلق أناساً قبل آدم فأخذهم بالعذاب لطغيانهم فانقرضوا ثم خلق غيرهم و شملهم العذاب أيضاً لتمردهم على الله عز و جل و عصيانهم له و هكذا … و في النهاية خلق الله تعالى آدم  على نبينا و آله و عليه السلام ،  و البشر الذين كانوا من ذلك اليوم – من بعد خلق آدم – و لا زالوا يعيشون على هذه البسيطة هم من نسل آدم الذي هو أول إنسان من آخر نسل بشري ،  و لم تقم قيامة الأنسال البشرية السابقة و الحالية بل ستقوم القيامة الكبرى للجميع مرة واحدة ،  و لكن يبقى هذا السؤال : هل سيتوقف الله تعالى عن الخلق بعد قيام القيامة الكبرى لجميع تلك الأنسال البشرية و الموجودات الامكانية  أم أنه سيخلق موجودات أخرى بعد ذلك ؟ و إذا كان سيخلق موجودات أخرى فهل سيكونون بشراً أو كالبشر مكلفين لهم قوى عقلية و شهوية و غضبية أن يختلف عنهم ؟  فتجيب الرواية المذكورة أن الله سيخلق خلقاً آخر و لكنهم ليسوا بشراً و لا كسائر الموجودات التي ركّب فيها العقل و الشهوة و الغضب بل هؤلاء موجودات من نوع آخر لا شهوة و لا غضب فيهم و ليسوا صنفين رجالاً و نساءً ما يعني أنهم خِلْوٌ عن القوى الشهوية بل هم موجودات مجردة و عقول محضة – أو موجودات أخرى غير المجردات و الموجودات الطبيعية التي نعرفها نحن –  و ليس فيهم قوىً متضادة ليطيع اللهَ بعضُهم باتباع العقل و الحجج الإلهية و یعصیه بعضهم الآخر  باتباع الأهواء و الشياطين ، بل  ليس لهم شأن إلا العبودية و التعبد لله تعالى و توحيده و عبادته جل و علا  ..  و الخلاصة أن الإنسان الحالي هو آخر نسل بشري قبل قيام القيامة الكبرى و ما سيخلقه الله تعالى بعد قيام القيامة فهو موجود آخر غير الإنسان   

و بارك الله فيكم و لا تنسوني من صالح دعواتكم الخالصة