هل يجوز سب المبتدعين و الوقيعة فيهم و الإفتراء عليهم ؟  و هل الرواية التالية يمكن أن تكون ذريعة في ذلك و في الوقيعة في مقدسات الآخرين ؟  و هل يجوز البهتان و الإفتراء على عليهم كما في الرواية ؟ 

عن داود ابن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهر والبراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة .

______________________________________

 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

الرواية واردة في مقام النهي عن المنكر ، و السب و الوقيعة فيهم لأجل ردعهم عن منكرهم العظيم أعني الريب و التشكيك في العقائد الحقة و البدعة في الدين ،  فهؤلاء يلزم ردعهم عن ذلك كي لا يضلوا الناس و يفسدوا عليهم عقائدهم التي تحمّل الأنبياء و الأولياء المصاعب و المصائب و أريقت دماء المؤمنين لأجل تثبيتها و ترسيخها في القلوب ، فيلزم ردعهم و منعهم عن ذلك بأية طريقة مشروعة بدءاً بالحكمة و الموعظة الحسنة و انتهاء بالمذكورات في هذه الرواية بل قد بالنزال و المواجهة أحياناً ..  و  هذا ما يدل عليه ذيل الحديث الذي يعلل القيام بهذه الأعمال بقوله عليه السلام : ” كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام و يَحْذَرَهم الناس و لا يتعلموا من بدعهم … “  و هذا لا ينطبق على الصحابة و نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث أنهم ليسوا موجودين الآن حتى يقوموا بذلك ليجب علينا ردعهم عن ذلك ،  نعم لا بأس ببيان الإنحرافات التي وقعت في التاريخ و بيان أن الصحبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا تدل على العدالة و صحة جميع ما صدر من جميع الصحابة فإن مفهوم الصحبة لغةً و موارد استعمالها في القرآن و السنة لا تدل على العدالة – و هذ ما يتطلب بحثاً تفصيلياً في الآيات و الروايات و التاريخ و اللغة ليتبين بجلاء أن الصحبة لا تدل بل و لا تستلزم العدالة في الصحابي كما أن التاريخ يشهد بصدور ما ينافي الشرع من بعضهم و لهذا يبرره القائلون بعدالة الصحابة بأنهم اجتهدوا فأخطأوا    – ..

  هذا ،  و المقصود من السب و الوقيعة فيهم بيان معايبهم و زلاتهم العقدية و انحرافاتهم الفكرية ،  كما أن المراد من قوله صلى الله عليه و آله و سلم : ” و باهتوهم ” المباهتة بمعنى المباغتة و قطع الطريق عليهم بإقامة البراهين القاطعة التي لا يتمكنون من ردها و نقضها فالمعنى : فاجئوهم و باغتوهم بالبراهين القاطعة و أوقفوهم بذلك عن التمادي في الضلال و الإضلال كما فعل إبراهيم عليه السلام مع نمرود لما ادعى – رداً على كلام إبراهيم عليه السلام من أن الله يحيى و يميت فادعى نمرود : – أنه هو أيضاً يحيى و يميت ففاجأه إبراهيم بكلام لم يتمكن من الرد عليه و ادعاء ما يشبهه لنفسه ف : ” قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ    … فليس المقصود من السب و الوقيعة فيهم ما هو المتعارف من ذكر القبائح و المعايب الجسمانية الخِلقیة أو الوقيعة في نواميسهم بل بيان معايبهم الدينية و انحرافاتهم الفكرية و مفاسدهم العقائدية ،  كما أنه ليس المقصود من مباهتتهم الإفتراء عليهم كذباً و زوراً بل قطع سبيل البرهان عليهم بببراهين عقلية و نقلية و حل شبهاتهم و نقضها بما لا يبقي لهم إلا الإعتراف بالعجز و ببطلان ما يدعونه كي لا يغتر الناس بأوهامهم التي يصورونها بصورة براهين .. 

و بارك الله فيكم و قضى حوائجكم و وفقكم لكل خير ..