شيخنا كيف يمكن التصرف مع شخص مقرب .. اصبح مُلحد بعد وفاة شخص عزيز على قلبه  والعياذ بالله 

 للعلم إِنَ عمر الشخص ٣١ و تربى في بيئه سيئه  و لكنه ع اثقافه عالية … 

 وبشكل متدرج  اصبح الان ملحد و يقول ان ليس هناك اخره

 كيف يمكن ارشاده ؟ كيف يمكن محاوله اعادته الى طريق الهداية … 

 لم يجد من يقنعه بوجود الخالق .. استغفر الله ..

______________________________________

 سلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

بسم الله الرحمن الرحيم 

وجود الخالق لا يحتاج إلى دليل فبمجرد أن ينظر الإنسان إلى هذا الكون العظيم الذي لم يكتشف الإنسان إلى الآن إلا جزءاً ضئيلاً منه يعرف أنه لا يمكن أن يكون قد وُجِد بلا موجِد ،  كيف يمكن ذلك مع أن عقل الإنسان لا يقبل أن توجد سيارة أو دراجة بلا مخترع في حين أن الكون عظيم جداً و المجرة التي نعيش في سيارة من سيارات منظومة واحدة من منظوماتها تشتمل على مئات المليارات من المنظومات ،  و قطر هذه المجرة مأة ألف سنة ضوئية  و هي واحدة من مأتي مليار مجرة قد اكتشفها الإنسان إلى الآن و جميع هذه المجرات لا تُشَکِّلُ إلا 4% من مجموع عالم الطبيعة حسب الحسابات الفلكية ،  و الإنسان مع هذا التطور العلمي و التكنولوجي الهائل لا يعلم إلى الآن هل توجد حياة في أقرب السيارات إلى الأرض كالمريخ أم لا ؟  

 هل يمكن القول بأن كل ذلك قد وُجِدَ بلا موجِد … 

      و هذا كله في العالم المادي و أما عالم المثال  و الأرواح و المجردات فلا علم لنا بكثير منها كما لا علم لنا بحقيقة شيء منها ، فمثلاً الروح الإنسانية نحن نعلم أنها موجودة تدير و تدبّر شئون الإنسان في جميع مراتب وجوده و ندرك وجودها مع أننا لا نعلم حقيقتها ، فنقول  : من الذي أوجد هذه الروح التي تجمع جميع القوى الإدراكية من القوة العقلية و قوة الخيال و الحس و .. و كذا القوى التحريكية ؟ و من الذي يقبض هذه الروح و يمنعها عن تدبير  البدن و القوى الجسمانية و الحواس و ..  عند حلول الموت بل حين النوم أيضاً  و … 

   و من جهة أخرى نعلم – و العلم قد أثبت ذلك – بأن الموجودات في عالم الطبيعة سائرة نحو الأفول و الطاقة المتولدة من الشمس و أمثالها آخذة في النفاد و هذا يدل على أن هذه الموجودات لها بداية كما لها نهاية – و توضيحه يحتاج إلى بيان – و هذا يعني أن هذه الموجودات ليس الوجود عين ذاتها لأنها لم تكن فوُجِدَتْ ثم تزول و لو کان الوجود عين ذاتها لم تكن مسبوقة بالعدم و لما أتى زمان تفقد وجوداتها فهو يدل على أنها ليست عين الوجود بل قد أعطاها الوجود موجود آخر ،  فنقول من ذلك الموجود الذي أعطى الوجود لهذه الموجودات التي لم تكن فوُجدت ؟ إن قلتم أن ذلك الموجود مثل هذه الموجودات يعني أن هذا الموجود أيضاً ممكن الوجود و ليس الوجود عين ذاته قلنا فمن أوجده ؟ فلا بد أن ننتهي إلى موجود يكون عين الوجود غير مسبوق بالعدم و لا يمكن أن ينعدم في المستقبل أيضاً ،  و لولا ذلك لزم أن لا يوجد شيء في الكون  مع أننا نجده مليئاً بالموجودات بل لا يمكن للبشر إحصاؤها فيلزم أن يكون هناك من أوجدها و أن يكون هو غنياً بالذات و عين الوجود فلا يحتاج إلى من يوجده و يخلقه … 

هذه إشارة إلى بعض أدلة وجود الباري تعالى و إلا فهناك أدلة كثيرة تدل على وجوده جل و علا بل الطرق إلى معرفة الله و خالق الممكنات بعدد أنفاس الخلائق .. 

أم خُلقوا من غیر شيء أم هم الخالقون ، أم خَلَقوا السموات و الأرض بل لا يوقنون  – سورة الطور : ٣٥ و٣٦ – … 

 فيلزم الجلوس مع هذا الشخص و بيان هذه الأمور و أمثالها له .. و بعد إثبات وجود الله يمكن طرح المسائل المرتبة التالية فيلزم إثبات النبوة و بإثبات النبوة يسهل إثبات المعاد بكلام النبي لأنه إذا ثبتت نبوته فكلاته حق و صدق و حجة فإذا أخبر عن قيام القيامة بعد موت الجميع علمنا يقيناً بتحقق ذلك لا محالة …  مضافاً إلى الأدلة العقلية و النقلية الأخرى … 

أعاذنا الله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا …

                               أيوب الجعفري

أحد المؤمنين بعد قراءته للسؤال السابق : 

احسنت شيخنا موضوع ممتاز بعد انتشار الملحدين في وسائل التواصل الاجتماعي وللاسف يعطونك اجوبه ومسائل يخليك تفكر وتكفر استغفر الله ، لذلك أتمنى من اي شخص لايتناقشً معهم اذا لم يكن على ثقافة عاليه لردعهم .. 

ليش الله خلقنا وعطانا نفس اماره بالسوء عقب يدخلنا النار وليش يقول ان نقدر نتمنى اي شي من اللي نبيه بالجنه مثلا يأهل ماتت وصارت طير بالجنه قالت ابي اشوف ابوي وأبوها مثلا ملحد ليش مايصير تشوفه يعني استغفرالله الله ماسوا اللي وعد فيه هذا بعض كلامهم 

—————————————————

 هذه تساؤلات جوابها سهل يسير لمن له أدنى تأمل في الحكمة الإلهية و كذا في إحاطته العلمية و جهلنا بكثير من الأمور و أن الحكيم يعمل وفقاً للحكمة الواقعية لا حسب تصوراتنا التي لا تحيط بالواقع … 

و الله سبحانه و تعالى قد تعلقت إرادته بخلق أشرف و أكمل المخلوقات و الأكمل لا تتحقق إلا بكون هذا المخلوق جامعاً للقوى التي تدعوه إلى الخير و القوى التي تدعوه إلى الشر فإن غلبت قوى الخير كان أفضل من الملائكة الذين ليس فيهم إلا الخير و لكن لا يوجد أمامهم مانع ..  و إن غلبت قوى الشر كان أخس من الأنعام التي ليس لها سبيل إلى ترك ما نراه شراً فالإنسان قد أودع فيه العقل و الفطرة مضافاً إلى إرسال الأنبياء و الأولياء و دعاة الخير في خارج وجوده فإذا أراد الشر مع كل ذلك  فهو شر من الحيوانات … 

و طبعاً البحث في هذا المجال طويل الذين لا يمكننا الدخول في التفاصيل في هذه العجالة ..  

أضف إلى ذلك أننا نعلم أن الله خلقنا و سوف يحشرنا و يحاسبنا فيلزم أخذ الحيطة و الحذر لذلك اليوم سواء اعتقدنا بأن ذلك هو العدل و الحق و موافق للحكمة و المصلحة أم اشتبه الأمر علينا و لم نعتقد بذلك و لكن على أية حال نعلم بوجود المبدأ و المعاد فلماذا لا نحتاط كي لا نبتلى بالعذاب في ذلك اليوم …

و الجدير بالذكر أننا قد أجبنا عن أمثال هذه التساؤلات في سياق سؤال آخر عن حكمة خلق المذنب فيمكنكم مراجعة ذلك المكتوب أيضاً .. 

  و أما مشاهدة الملحدين الذين أدخلهم الله النار فليكن واضحاً أن المؤمنين في الجنة لا يتمنون هناك إلا الخير و لا يطلبون ما لا خير فيه ،  فأولاً من الذي قال أنهم سيطلبون مشاهدة الملحدين من أهل النار ؟ و ثانياً من الذي قال أنهم إذا طلبوا مشاهدتهم لم يجبهم الله تعالى إلى ذلك فمن الممكن – بل المستفاد من ظاهر الآيات – أنهم سيشاهدونهم فقد قال تعالى حكاية لمحاورة ستجري بين أهل الجنة و أهل النار : ” و نادى أصحابُ النار أصحابَ الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمها على الكافرين ..  ” ..