السجود على الأرض و ما أنبتت إلا المأكول و الملبوس…

سلام عليكم شيخنا الفاضل
نحمدالله على سلامتكم ونسأله أن يمن عليكم بالصحة والعافية

سؤالي شيخنا :

هل يوجد دليل من القرآن للسجود على التربة أو الأرض؟
______________________________________________

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

القرآن لا يذكر في ظواهر آياته إلا الكليات و الأمور العامة – في غالب الموارد – و أوكل بيان التفاصيل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم و أهل بيته عليهم السلام فهم العلماء ببواطن القرآن الكريم ، ففي ظاهر القرآن أن الصلاة واجبة و أنه لها أوقاتاً خاصة و يلزم إقامتها والمحافظة عليها و .. و أما كيفية الصلاة و أجزائها و شرائطها و موانعها و مقدماتها و أحكام الشكوك فيها و… فهي موكولة إلى المعصومين عليهم السلام و قد بيّن القرآن لنا لزوم طاعة النبي و أولي الأمر و أنه من يطع الرسول فقد أطاع الله .. كما قال : ” و ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ” و.. فيكون بيانُ الرسول و أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين بيانَ القرآن نفسه بطريق غير مباشر و الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد قال – حسب نقل السنة و الشيعة – : ” جُعلت لي الأرض مسجداً و طهوراً ” كما نقل أهل السنة أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يسجد على الأرض و الحصى و لم يسجد قط على السجاد و … فيكفينا ذلك في إثبات أن المَسْجَد يلزم أن يكون من الأرض ، و لو شك أحد في ذلك – أي في أنه هل يجب أن يكون السجود على الأرض أم يكفي تحقق السجود على أيّ شيء كان ؟ – فنقول مع ذلك يجب أن نسجد على الأرض أو ما يعدّ منها غير المأكول و الملبوس كما في الروايات و لا يصح السجود على غير ذلك لأن الصلاة عبادة و العبادات توقيفية فيتوقف على الورود في القرآن أو من المعصوم الذي هو عِدْل القرآن ، و الوارد عن المعصوم عليه السلام هو السجود على الأرض و ما أنبتت إلا المأكول و الملبوس و لم يرد السجود على السجاد و أمثاله فيلزم اتباعه ..
و من جانب آخر السجود جزء من الصلاة و الصلاة واجبة فالسجود الذي يعدّ جزءاً منها واجبة لأنه جزء الحقيقة التي يلزم الإتيان بها ، ونعلم أيضاً أن هذا الواجب يتحقق بالسجود على الأرض و ما أنبتت إلا المأكول و الملبوس و أما إذا سجدنا على السجاد لم نعلم بأنه هل أتينا بالواجب و أدّينا التكلف الإلهي أم لا ؟ و في أمثال هذه الصورة يلزم الاحتياط بالإتيان بما نعلم بأن الواجب يتحقق به و هو فيما نحن فيه السجود على الأرض و.. و أن لا نسجد على ما لا نعلم بتحقق الواجب به ، لأننا إذا سجدنا على غير الأرض و.. لم نعلم بأننا قد أتينا بالتكليف الإلهي أم لا فإذا افترضنا أننا بحسب الحكم الواقعي لم نأتِ بالتكليف و الواجب ، لم تفرغ ذمتنا من الواجب و لا حجة لنا أمام الله تعالى يوم القيامة لأننا كنا نتمكن من الاتيان بما نقطع بفراغ الذمة به و لم نأتِ به – و هذا ما يُعَبَّر عنه في علم الأصول بقاعدة الاشتغال حيث أن ” الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ” كما تبين معناها من خلال التوضيح الإجمالي السابق … ففي جميع الأحوال يجب السجود على الأرض و ما أنبتت إلا المأكول و الملبوس سواء قلنا بدلالة الأدلة على ذلك و أنه لا يصح السجود على غيره أو قلنا بأن الأدلة تدل على صحة السجود على الأرض و ما أنبتت إلا المأكول و الملبوس – وهو محل اتفاق الجميع – و لكن لا نعلم هل أن الشارع المقدس يجيز السجود على غير ذلك أم لا فبقاعدة الاشتغال نقول يلزم السجود على الأرض و.. ( و إن كان هناك رأي آخر في أمثال هذه الموارد و أنه مورد جريان البراءة لا الاشتغال و توضيحه و تفصيله موكول إلى محله إلا أننا إنما ذكرنا ذلك فيما إذا شككنا في المسألة على بعض المباني ، و لكن المسألة ليست محل شك بل الدليل يدل على المطلوب بشكل قاطع لا يمكن الارتياب فيه ) …

و بارك الله فيكم و قضى حوائجكم و وفقكم لكل خير

أيوب الجعفري

https://telegram.me/ayoobaljafary