*لِمَ لم يكن أبوالفضل العباس عليه السلام إماما*

*سؤال من أحد المؤمنين :*

السلام عليكم شيخنا
مأجورين إن شاء الله

شيخنا عندي سؤال إذا ماعليك كلفة :

لماذا لا يعتبر العباس (ع) إماماً أو معصوماً ؟
_______________________________________________

*الجواب :*

و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الإمامة منصب إلهي لا يمكن أن يحمله غير من نصبه الله تعالى لذلك و إن كان عظيم المنزلة و لكن لا يقاس بمنزلة الأئمة المعصومين بالعصمة الكبرى منزلة أحد فعلم الإمام المعصوم في الأمة الختمية و معرفته و يقينه و سائر كمالاته الروحانية و الوجودية فوق جميع من سواهم من الخلق بما لا يُقاس فلا يمكن أن يكون غيرهم إماما مع وجود أحد الأئمة عليهم السلام و العباس عليه السلام و إن كانت له عند الله تعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة ( و هذا ما يحتاج إلى بيان أشرت إليه ليلة أمس في أحد المجالس و خلاصته أن هذه المنزلة التي يغبطها بها جميع الشهداء يوم القيامة مبتنية على الشهادة فكل من بلغ درجة من القرب و المنزلة لدى الله تعالى لأجل الشهادة في سبيله جل و علا فهو يغبط أبا الفضل العباس عليه السلام بمنزلته عند الله تعالى فإن تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلية فكل من كانت له منزلة بسبب شهادته في سبيل الله فسوف يغبط العباس عليه السلام بمنزلته لدى الله تعالى، و أما من كانت منزلته لعنوان و منصب أعلى من الشهادة فلا ينطبق عليه ذلك فالأئمة عليهم السلام منزلهم أعلى لأنها – أي منزلتهم – لم تكن لأجل الشهادة فقط بل لديهم مقام آخر أعلى من الشهادة و هي مقام الولاية العظمى و الإمامة التي تكون الشهادة بمعنييها إحدى شؤونها .. فمع أن له عليه السلام منزلةً يغبطه بها جميع الشهداء : ) إلا أنه لم يكن بمنزلة الأئمة عليهم السلام بل كانت طاعة المعصومين بالعصمة الكبرى من أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين فخرا و فضلا عظيما و كمالا روحانيا له عليه السلام و لهذا نخاطبه في زيارته عليه السلام بقولنا : “السلام عليك أيها العبد الصالح المطيع لله و لرسوله و لأمير المؤمنين و للحسن و الحسين عليهم السلام” و لا يخفى عليكم أنه يخاطَب المزور في الزيارات المأثورة عن أهل بيت العصمة و الطهارة بأوصافه الكمالية و فضائله الأخلاقية و أعماله الصالحة فمثلا نخاطب الأئمة عليهم السلام في سلامنا عليهم أو شهادتنا لهم، نخاطبهم بالخلافة و الولاية و الأمانة و الخلّة و .. فنقول السلام عليك يا امين الله .. يا خليفة الله .. يا ولي الله .. يا خليل الله .. يا موضع سر الله و معدن علمه و خازن وحيه و .. و كذا نشهد لهم بكثير من الفضائل و الصالحات و الكمالات فنقول : “أشهد أنك أمين الله و ابن أمينه .. و أشهد أنك الإمام الزكي الهادي المهدي .. و أشهد أنك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة و ..” فعندما نخاطب أبا الفضل العباس عليه السلام في سلامنا عليه بقولنا : “أيها العبد الصالح المطيع لله و لرسوله و لأمير المؤمنين و للحسن و الحسين عليهم السلام” فإننا نشير الى كمالاته و فضائله صلوات الله عليه فكما أن كونه عبدا صالحا و عبوديته الخالصة لله تعالى من أعظم كمالاته فإن طاعته لله و الرسول و الأئمة عليهم السلام أيضا من أفضل فضائله ..
أضف الى كل ذلك أنه – أي أبا الفضل العباس عليه السلام – لم يكن في عصر خالٍ من الإمام المعصوم بالعصمة الكبرى فلا يمكن أن يتولى الإمامةَ مع وجود من له الإمامة الفعلية و من تكون طاعتُه من فضائله العظيمة و إن كان صلوات الله عليه نافذ البصيرة صلب الإيمان جليل القدر عظيم المنزلة عند الله يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة بل قد بلغ من الكمال درجةً يستحق أن يخاطبه الإمام الحسين عليه السلام بقوله : “بنفسي انت” و ..

و أما العصمة فيستفاد من لسان بعض الروايات و الزيارات أنه عليه السلام قد بلغ درجة العصمة إلا أن للعصمة مراتب و درجات أعلاها على الإطلاق لأهل بيت النبوة و هم رسول الله و أمير المؤمنين و فاطمة الزهراء و الأئمة من ولدهما فهم صلوات الله عليهم أجمعين معصومون بالعصمة الكبرى لدلالة آية التطهير على حصر الطهارة و إذهاب الرجس، فيهم مع أننا نعتقد وفقا للأدلة الشرعية و العقلية عصمةَ جميع الأنبياء عليهم السلام فيلزم أن يكون الحصر في درجة العصمة لا في أصلها فعُليا درجات العصمة خاصة بهم عليهم السلام لا يشاركهم فيها أحد من الخلق، و نفس كون أبي الفضل العباس عليه السلام مطيعا لله تعالى و للرسول و الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين و كونه صلب الإيمان نافذ البصيرة عظيم المنزلة عند الله تعالى بحيث يغبطه جميع الشهداء يوم القيامة خير دليل على ثبوت درجة من درجات العصمة له عليه السلام ..

موفقين لكل خير ..
دعواتكم الكريمة .

أيوب الجعفري

يوم الاثنين ٧ محرم الحرام ١٤٤٣ ق
الموافق ١٦ / ٨ / ٢٠٢١م