المقصود من كون التكاليف الشرعية ألطافاً في التكاليف العقلية :

السلام عليكم ورحمة الله
شيخنا الجليل كيف احوالكم

سؤال فضلا

ما معنى قولهم ” التكاليف العقلية الطاف في التكاليف الشرعية “؟

________________________________

[١٦/‏٤ ٢،٣١ م] ayoob j: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

يبدو أنكم تقصدون العكس أي أن التكاليف الشرعية ألطاف في التكاليف العقلية ، و المقصود أن العقل يدرك أصل التكليف و وجوب طاعة المولى المنعم على عباده بأصل الوجود و الحياة و النعم الباطنية و الظاهرية ، المادية و المعنوية ، الجسمانية و الروحانية و جميع ما يحتاج إليه العباد ، فالعقل – بناءً على التحسين و التقبيح العقليين و هو ما يراه الإمامية و المعتزلة و ينكره الأشاعرة – يحكم بوجوب طاعة المولى و لكن لا يدرك تفاصيل ما يجب عليه فعله أو تركه ، و من جانب آخر كل موجود ذي شعور و منه الإنسان بفطرته أو غريزته يحب الكمال فيحتاج إلى ما يوصله إليه و من المعلوم أن العقل لا يدرك تفاصيل عناصر الكمال لأن الحياة لا تنحصر بالدنيا و هناك حياة أخرى تعتبر من الغيب ما دمنا في الدنيا فلا نتمكن بعقولنا من إدراك تلك الحياة فكيف بعناصر الكمال فيها و هي عناصر القرب العبودي إلى الله تعالى بل لا نتمكن من إدراك جميع عناصر الكمال و السعادة في هذه الدنيا أيضاً و ما ندركه أيضاً يتطرق له الخطأ في كثير من الأحيان …

فإذا كانت طاعة المولى الكريم المالك لمن سواه واجباً عقلاً و الإنسان لا يتمكن من معرفة تفاصيل و كيفية الطاعة ، و كذا : الإنسان يحب الكمال و لا يتمكن من الوصول إليه من دون معرفة عناصره و العمل بها ، و معرفة تلك العناصر غير ممكنة للإنسان بما هو هو في الأعم الأغلب فاللطف يقتضي أن يمهد الله تعالى طريق الطاعة و شكر المنعم و نيل الكمال و .. – و بيان ذلك يتطلب مجالاً آخر و خلاصته في الأمور الفطرية هي أنه لا يمكن أن يجعل الله في الفطرة و الشريعة شيئاً من دون جعل أسباب الوصول إليه فهو الذي أعطى كل شيء خلقه و هدى – و تمهيد الطريق يكون بإرسال الله تعالى أنبياء و تنصيبه جل و علا أئمةً و أولياء لتبليغ و تبيين التكاليف الشرعية التي هي العناصر الدخيلة في الوصول إلى ذلك الكمال المطلوب و من المعلوم أنه لا يمكن للإنسان أن يدركها – أي تلك العناصر – بنفسه من دون توسط النبي و الولي المعصوم ، فالتكاليف الشرعية ألطاف في التكاليف العقلية حيث أنها تمهد الطريق للسير نحو الكمال المطلوب ، و العقل يدرك أصله و بعض تفاصيله لا جميعها فاللطف يقتضي بيان تلك التكاليف …

و تتميماً للفائدة نشير إلى أن اللطف بناءً على التحسين و التقبيح العقليين واجب فلا يمكن أن لا يتحقق هذا اللطف منه تعالى و لكن لا بمعنى أنه يجب عليه تعالى أن يحققه و عوذاً به فهو أجل من أن يُلزَم بشيء و أن يُلزِمَه شيء بشيء فهو القاهر فوق عباده و لا يمكن أن يقهره غيره … بل لأنه هو لا يترك الحَسَنَ و لا يفعل القبيح و على حدّ تعبير بعض الحكماء :” واجب عنه لا عليه ” و توضيحه في محله ..

موفقين لكل خير ، و لا تنسوني من صالح دعواتكم الخالصة ..

أيوب الجعفري

يوم الأحد ١٨ رجب المعظم ١٤٣٨ هـ ق
الموافق ۱۶ / ٤ / ٢٠١٧ م

https://telegram.me/ayoobaljafary