تفضيل بني إسرائيل
السلام عليكم شيخنا العزيز.
بالرجوع للآية القرانية في سورة البقرة حيث قال عز من قائل
“يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ”
كيف يفضل الله قوما يعلم بأنهم قتلة الانبياء و الرسل و هو عالم الغيب؟
________________________________________
الجواب :
و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته
ليس المقصود تفضيلهم لكونهم من عنصر بني إسرائيل و بيان ذلك :
أولا كان التفضيل على مستوى المنطقة التي كانوا يعيشون فيها و لهذا فسّر البعض العالمين بعالَمِي زمانهم و منطقتهم بقرينة قوله تعالى : “و أورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض و مغاربها” و من المعلوم أنهم لم يرثوا مشارق و مغارب جميع الأرض بل مشارق المنطقة التي كانوا يعيشون فيها ..
و ثانيا التفضيل لم يكن لكونهم من بني إسرائيل بل لأجل الإيمان و العمل الصالح الذين كان يتحلى بهما الكثير منهم فقد كان فيهم العباد و الزهاد و هذا التفضيل كان محدودا بزمنهم و عصرهم و ما داموا على الإيمان و العمل بالصالحات، فوجود قتلة الأنبياء و المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين بينهم لا يوجب أن لا يفضّل الله تعالى صلحاءهم على عالمي زمانهم و منطقتهم فلا يمكن بخسهم حقهم لأجل هؤلاء الفسقة قتلة الأنبياء كما أنه “لا تزرر وازرة وزر أخرى …
و ثالثا لم يكن التفضيل على جميع الأمم و في جميع الأعصار و الأمصار بقرينة آيات أخرى تدل على تفضيل الأمة الإسلامية على الجميع كقوله تعالى : “كنتم خير أمة أخرجت للناس ..” فالأمة الإسلامية كانت خير أمة أخرجت للناس فيشمل بني إسرائيل أيضا أي أن الأمة الاسلامة و لأجل الإسلام – الذي هو خير الأديان و أكملها على الإطلاق – خير من جميع الأمم و منهم أمة بني إسرائيل ..
هذا و قد اشار بعض المحققين المدققين من مفسري نهج البلاغة أن التفضيل كان من حيث الدين في ذلك العصر و بيان ذلك – بشرح مختصر منا – أن اليهودية لم تكن دينا مستقلا غير دين إبراهيم الخليل عليه السلام بل هو هو ( و قد يكون فيه بعض التغييرات الطفيفة المتعلقة بنسخ بعض الأحكام و بهذا الاعتبار كانت اليهودية من الشرائع الخمس فهي شريعة مستقلة غير شريعة إبراهيم عليه السلام إلا أن الدين نفس الدين و الاختلاف في بعض الأمور الجزئية و بعض الأحكام الفرعية فدين موسى نفس دين إبراهيم عليهما السلام و إن اختلفا في بعض الأحكام ) و بما أن دين إبراهيم عليه السلام قد ابتُلي على مر العصور بالتحريف و قد أوتي موسى عليه السلام ذلك الدين من دون تحريف ففضّل الله تعالى بني إسرائيل بذلك الدين السليم من التحريف على العالمين الذين لم يؤمنوا بما جاء به موسى عليه السلام و لو أنهم – أي بني إسرائيل – بقوا على ذلك الدين الذي جاء به موسى و لم يحرفوه إلى عصر الرسالة المحمدية صلى الله عليه و آله و سلم لآمن – كلهم أو جُلّهم – بالرسالة الختمية و لكانوا بذلك باقين على ذلك التفضيل مستمرين عليه، بمعنى أنهم كانوا مفضَّلين على العالمين بأكمل الأديان في عصرهم و لو استمروا على ذلك و بقوا على ما جاء به موسى و من قبله إبراهيم عليهما السلام لدخلوا في أكمل الأديان في عصر النبوة الختمية و هو دين النبي الخاتم صلى الله عليه و آله و سلم و لكانوا بذلك باقين على كونهم مفضلين و أصبحوا كسائر المسلمين ممن فضلهم الله على العالمين ..
موفقين مسددين ..
ايوب الجعفري
يوم الخميس ٨ رجب المعظم ١٤٤٣ ق
الموافق ١٠ / ٢ / ٢٠٢٢م