أيوب الجعفري:
*بسم الله الرحمن الرحيم*
*تحديد ليلة القدر بحساب كلمات سورة القدر :*
*أحد المؤمنين :*
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحد الاخوة أرسل لي هذا : هذه تؤيد رواية أهل السنة أن ليلة القدر ٢٧ بينما الشيعة عندهم ١٩ – ٢١ – ٢٣
تأملو الإعجاز العددي في سورة( القدر) : إنا : ١ . أنزلناه : ٢ ، في : ٣ . ليلة : ٤ . القدر : ٥ . و ما : ٦ . ادراك : ٧ . ما : ٨ . ليلة : ٩ . القدر : ١٠ . ليلة : ١١ . القدر : ١٢ . خير : ١٣ . من : ١٤ . ألف : ١٥ . شهر : ١٦ . تنزل : ١٧ . الملائكة : ١٨ . و الروح : ١٩ . فيها : ٢٠ . بإذن : ٢١ . ربهم : ٢٢ . من : ٢٣ . كل : ٢٤ . أمر : ٢٥ سلام : ٢٦ . هي : ٢٧ حتى : ٢٨ . مطلع : ٢٩ . الفجر : ٣٠
تأملوا عدد كلمات سورة القدر ٣٠ كلمة بعدد أجزاء القرآن و عدد حروفها ١١٤ حرف بعدد سور القرآن الكريم .
كلمة( هي) في السور رقمها ٢٧ إشارة إلى أن ليلة القدر هي ليلة ٢٧ من شهر رمضان . كلمة (القدر) تكررت في السورة في الأرقام ٥-١٠-١٢ لوجمعت ٥+١٠+١٢ = ٢٧ دليل أيضا علي أن (ليلةالقدر) هي ليلة ٢٧ من رمضان و الله أعلم . سبحان الله العظيم .. تفضلوا بلا تعصب…
*الأخ المستفسر :*
حتى هذه اللحظة انا لم أرد عليه بشيء ..
______________________________________________
*الجواب :*
و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته
أولا قد أخطأ الكاتب في حساب الكلمات حيث إنه غفل أو تغافل عن حساب واو العطف في موضعين ( و – ما ) و ( و – الروح ) فالحروف تُعَدّ كلمات لأن الكلمة تنقسم إلى الاسم و الفعل و الحرف ، و بهذا الاعتبار يكون رقم الضمير العائد إلى ليلة القدر ( هي ) ٢٩ و ليس ٢٧ ، هذا مع غض النظر عن الضمائر المتصلة كالهاء في ( أنزلناه ) و الكاف في ( أدراك ) و الها في ( فيها ) و هم في ( ربهم ) و لو احتسبنا هذه الضمائر لكان رقم الضمير ( هي ) ٣٣ و ليس ٢٩ .. و النتيجة إن كلا الحسابين خطأ و لا يُبنى الحق و الصواب على ما هو خاطئ من الأساس .. هذا كله أولاً ..
و أما ثانيا – على افتراض صحة الحساب المذكور – فهذه استحسانات وهمية ( و لا اتمكن من أن أقول أنها استحسانات عقلية و لو كانت عقلية أيضا لم تكن مفيدة في إثبات أحكام الله تعالى و موضوعاتها المستنبطة و كل ما لا مدخلية للعقل فيه ) فهي إذن استحسانات لا دليل على اعتبارها و حجيتها شرعا ، و نحن نأخذ الشرع و ما يتعلق به من القرآن الكريم و المعصومين عليهم السلام و ليس من حسابات لا أساس لها و لا دليل على حجيتها حتى و لو كانت صحيحة بحسب الظاهر فكيف بما إذا لم تكن كذلك ..
و الروايات الواردة عندنا تؤكد أن ليلة القدر إحدى الليالي الثلاث و أن الأقوى بينها ليلة ٢١ و ٢٣ كما أن الأقوى بينهما ليلة ٢٣ فما دام الدليل اللفظي الصريح موجود فلا معنى للأخذ بما لا دليل على اعتباره و حجيته بل – و بالبيان الذي ذكرناه – هو مقطوع عدم الاعتبار و الحجية لأنه حساب خاطئ في حد ذاته كما أن هذه الحسابات لا يمكن أن تكون أساسا لإثبات الأمور الشرعية حتى و لو كانت صحيحة في حد ذاتها ..
و ثالثا : لا إصرار لدينا على ما نقول، و ليس ذلك من الأمور العقدية التي يلزم الاعتقاد بها بحيث يؤثم الانسان على عدم الاعتقاد بها فلا يؤثم الانسان بعدم الاعتقاد بان ليلة القدر هي ليلة ٢٣ مثلا بل اللازم هو معرفة أن هناك ليلة تسمى ليلة القدر و معرفة فضائلها و ان القرآن قد نزل فيها و معرفة من نزل عليه القرآن و من يكون محل نزول الملائكة بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في هذه الليلة ليكون أو يكونوا أئمة نقتدي بهم و أما أن تلك الليلة هل هي ليلة ١٩ أو ٢١ أو .. فهذا أمر راجع إلى العلم أو الظن بأحد الليالي العظيمة التي يحسن بالإنسان أن يحييها و يكتسب الفيض و الثواب الإلهي بإحيائها و بالأنس بالقرآن و الارتباط بمن هو عِدل القرآن ، و ما نقطع أو نظن به ظنا معتبرا شرعا في هذا المجال هو أن ليلة القدر في شهر رمضان و قد أُنزل القرآن في هذه الليلة – حيث أن القرآن قد أخبرنا بان القرآن قد أنزل بنزوله الإجمالي في شهر رمضان و ذلك في قوله تعالى في سورة البقرة : ” شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن .. ” و أخبر في سورة القدر أنه قد أنزل في ليلة القدر : ” إنا أنزلناه في ليلة القدر ” فإذا كان القرآن قد انزل في ليلة القدر و في شهر رمضان لزم أن تكون ليلة القدر في شهر رمضان و أما تحديد تلك الليلة فنرجع فيه إلى الروايات المعتبرة لا الحسابات الوهمية الخاطئة ..
هذا و قد أخبر القرآن بأن الملائكة تنزل في هذه الليلة، و الفعل المستعمل فيه هو فعل مضارع و هو قوله تعالى : ” تَنَزَّلُ ” و أصله تتنزلُ و لو كان فعلا ماضيا لقال تنزلت الملائكة ، فيدل ذلك على نزول الملائكة في الحال و المستقبل ..
و قد ورد في روايات أهل السنة أن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم قال أن ليلة القدر هي مستمرة الى يوم القيامة و لا تختص بعصر النبي أو الأنبياء ، فهنا يأتي السؤال التالي ألا و هو : على من تتنزل الملائكة ؟ ألا يدل ذلك على أنه يلزم وجود إمام معصوم يمكن أن تتنزل عليه الملائكة ( جميع الملائكة و ليس بعضهم لأنه قال الملائكة و هو جمع محلى باللام و هو مفيد للاستغراق و الشمولية بحيث قد ذكر بعده الروح بمعنى أنه لو قلنا أن الروح هو أعظم الملائكة فهو أيضا ينزل في هذه الليلة بمعنى أنه لم يُسْتَثْنَ أحدٌ من الملائكة فلا يوجد ملك يمكن نزوله إلى الارض إلا و نزل و ينزل في ليلة القدر حتى الروح الأعظم – و إن أبيتم عن ذلك فلا اقل أن كثيرا من الملائكة و من جملتها الروح الاعظم ينزلون الى الارض في هذه الليلة و طبعا لسنا هنا بصدد بيان معنى النزول و ماذا يعني نزول الملائكة و الموجودات المجردة التي لا تتحيز بالزمان و المكان -) فيلزم أن يكون هناك انسان معصوم و كامل يمكن أن تنزل الملائكة جميعهم أو جلهم أو كثير منهم عليه و تأتي له بمقدرات العالم حيث لا يمكن القول أنها تنزل على التراب أو الصخور أو أي جزء مادي جسماني من كوكب الأرض لأن ذلك لغو لا فائدة فيه و الله تعالى حكيم و حاشاه أن يصدر منه اللغو مضافا إلى أن من جملة حِكِم نزولها – و كما اشرنا – هو المجيء بمقدرات العالم لعام كامل فيلزم أن يكون هناك من يأتونه بالمقدرات .. فإذن يلزم التسليم لما تعتقده الشيعة من أن هناك إنساناً كاملا في كل عصر و هو إمام معصوم منصوب من قبل الله تعالى كي تنزل الملائكة عليه بمقدرات العالم لعام كامل سواء كانت ليلة القدر هي الليلة الأولى من الشهر الفضيل أو ليلة ١٩ أو ٢١ أو ٢٣ أو ٢٧ أو ٣٠ أو .. فالاحتمالات متعددة .. و نحن بحسب الروايات نحتمل قويا أن تكون في إحدى الليالي الثلاث المشار إليها أعلاه و لكن لا إصرار لنا في ذلك فالمهم هو معرفة أن ليلة القدر ليلة نزول القرآن و ليلة تنزُّلِ الملائكة و الروح و معرفة من تتنزل عليه الملائكة و الروح و لا يوجد أحد يتمكن من أن يدعي أن الملائكة تتنزل عليه إلا من يقول الشيعة بأنهم معصومون و منصوبون للإمامة من قِبل الله تعالى و الذين هم شجرة النبوة و موضع الرسالة و مختلف الملائكة و معدن العلم و أهل بيت الوحي سلام الله عليهم أجمعين ..
وفقنا و إياكم لمعرفة الحق و الإيمان به و الالتزام بلوازمه عقيدة و اخلاقاً و علما و عملا بجاه النبي الخاتم و اهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين ..
ايوب الجعفري
ليلة الثلاثاء ٢١ من شهر رمضان المبارك ١٤٤٢ ق
الموافق ٤ / ٥ / ٢٠٢١ م
https://telegram.me/ayoobaljafary