التوكل و ترك الأسباب

سؤال من احد المؤمنين : عندما انتشر مرض الكوليرا في العراق زمن حكم العثمانيين حجز اليهود أنفسهم في البيوت بأمر الحاخامات فسلموا من الموت . و عندنا سأل المسلمون مرجعياتهم جاء الرد ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ) فأبيدت قرى بالكامل و مات الناس !!!! . من كتاب لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث للدكتور علي الوردي ..

المستفسر الموقر :  شيخنا العزيز : الجواب؟..
_________________________________

*الجواب :*

بسم الله الرحمن الرحيم .. سلام عليكم و رحمة الله و بركاته .. قد التبس الأمر على البعض في أمثال هذه الأمور فليس المقصود أن يقرأ الإنسان هذه الآيات و الأدعية الوارد فحسب بل عليه أن يتوسل بجميع الوسائل المتاحة و منها الطبية و الصحية التي يوصي بها الأطباء و الاخصائيون و لكن عليه أن يعلم و لا ينسى أنه لا مؤثر في الوجود إلا الله فجميع هذه الأسباب إنما تؤثّر و يترتب عليها الشفاء بإذنٍ و تسبيبٍ من الله تعالى فهو مسبب الأسباب ، و لهذا لا يفتي أحدٌ من الفقهاء بجواز ترك المعالجة في الأمراض بل يفتون بوجوب العلاج و مراجعة الأطباء و الاخصائيين أحياناً لا سيما إذا كان المرض خطيراً و كان بقاءه موجباً للضرر المعتنى به و لكن يلزم أن نعرف و نعلم أن الطب و الطبيب و مراجعة الأطباء و استعمال الدواء و .. إنما هي وسائط و أسباب قد جعلها الله تعالى سبباً للشفاء ، و الشافي و مفيضُ الشفاء و مُعطيه هو الله لا سواه فلولا إرادة الله تعالى لما تحقق الشفاء بهذه الأمور أبداً ف” قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ” ..

هذا و لا ينكر أحد أن الدعاء و التوسل بأولياء الله تعالى يوجب الشفاء لا سيما إذا كان بعد انقطاع الأسباب المادية تماماً بحيث يكون المريض أو من يدعو له مأيوساً من الطب و الأطباء و الدواء و التداوي فإن استجابة الدعاء الخالص مع تحقق الدعاء الحقيقي و وجود المصلحة في الشفاء في هذه الاحوال – لا سيما إذا اقترن بالتوسل باولياء الله تعالى المقربين لديه جل و علا – من المسلمات التي لا ريب فيها و قد تحقق كثيراً ، و كثير من الناس قد شاهدوا ذلك بأم أعينهن و لا ينكره إلا مكابر ، هذا خلاصة ما يمكن طرحه في هذه العجالة و للكلام في ذلك مجال واسع حيث يحتاج إلى بيان كثير من المبادئ في مواضيع مختلفة كالدعاء و شرائط استجابته ، و التوسل بأولياء الله و معناه و أنه من جملة الأسباب التي جعلها الله تعالى في النظام العِلّي و المعلولي في هذا الكون ، و كون الاسباب المادية في طول الأسباب المتافيزيقية و أن السبب الحقيقي و علة العلل و مسبب الأسباب هو الله تعالى و جميع من و ما سواه إنما هي أسباب و وسائط قد جعلها الله تعالى وسائط و أعطاها السببية و جعل فيها التأثير و …

موفقين لكل خير محروسين من كل سوء و شر و لا تنسوني من صالح أدعيتكم الخالصة ..

أيوب الجعفري

يوم الأحد ٦ رجب الأصب ١٤٤١ ق
الموافق ١ / ٣ / ٢٠٢٠ ق

https://telegram.me/ayoobaljafary