وصلني سؤال بشأن تهذيب النفس و عدم الإحساس بتأثيره و هذا خلاصته : 

ها قد انهيت الختومات في الاربعينية الثانية و بدأت الاربعينية الثالثة … 

فلا تحسن في النفسية الكئيبة الحزينة و لا ارتداع عن وسوسة النفس للولوج في البكاء والحسرة وضيق الصدر … 

فهل أواصل أم أ توقف  ؟ 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

آثار الأذكار و الأدعية ليست ظاهرة للذاكر دائماً فالأثر متحقق في القلب لا محالة و قد يبرز في الجسم و القدرات الجسمانية و القوى البدنية كما أنه سيظهر ملكوت كل ذلك يوم القيامة ،  و لا يخفى عليكم أن الكرامات التي قد تحدث و تصدر من الكُمّل و خُلَّص العباد إنما هي هدايا طريق السلوك إلى الله تعالى كي لا ييأس السالك من سلوكه فيتصور أن لا أثر لتهذيب النفس و السلوك الروحاني نحو التقرب العبودي إلى الرب الكريم ،  و لكن لا تُعطى هذه الهدايا دائماً و لكل أحد بل وفقاً للحكمة و المصلحة و هناك خفايا كثيرة نحن لا نعلمها و يعلمها رب العالمين فقد يكون إعطاء تلك الهدايا موجباً للعجب و بالنتيجة البعد عن الله تعالى و هو – أي هذا السالك – يتصور أنه يتقرب إليه جل و علا يوماً بعد يوم بل ساعة بعد ساعة فيكون ممن يصدق عليه قوله تعالى :  ” قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالكم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ” … و ليكن هدفنا الوصول إلى درجة التوحيد التام فإننا إذا وصلنا إلى درجة التوحيد الكامل بالقدر الممكن لنا فسوف لا يهمنا حصول الكرامات الظاهرة و عدم حصولها فعظماء العرفاء لا يريدون طي الأرض و لا معرفة نيات و بواطن الناس و لا ملكوت الأشياء و الأعمال الصادرة منهم بل يريدون الله و الوصول إلى الكمال بالفناء في الله فيصل السالك إلى درجة لا يرى فيها غير الله و  آيات و مرايا جلاله و جماله فلا يرى سوى الله و هو من مصاديق الفناء ، فلنجعل هدفنا رضا الرب الكريم بل عدم مشاهدة النفس إلا كآية له و مرآة تعكس جمال الرب و جلاله جل جلاله    و لا شأن للآية إلا الدلالة على جلال ذي الآية أو جماله أو جلاله و جماله معاً – و التسليم له في جميع الأمور ..  و إذا تحقق التسليم و الفناء فسوف لا نرى أنفسنا لنرضى أو لا نرضى …