تفضيل الإنسان على سائر المخلوقات

السلام عليكم .. حسب ما عرفنا بأن افضل المخلوقات البشر و لكن هذه الآيه ( و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) تشير ان البشر مفضلين على الكثير من المخلوقات وليس كلها ؟
نلتمس التوضيح

________________________________________________

الجواب :

و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته و تقبل الله اعمالكم ..

قد خُلِقَ الإنسان في أحسن تقويم فليس هناك من يكون مُفَضَّلاً على الإنسان ، و لا يعني ذلك أنه – أي الإنسان – مُفَضَّلٌ على الجميع ، فكونُه في أحسن تقويم يعني أنه لا يوجد أفضل و أحسن تقويماً و خِلقةً منه ، و كونُه قد فُضِّل على كثير ممن خلقهم الله تعالى يعني أن هناك قليلاً ممن خلقهم الله تعالى ليس الإنسان أفضل منهم ، فهؤلاء القلة ليسوا أفضل من الإنسان و لا الإنسان أفضل منهم بل هم في درجة واحدة  ..

و المستفاد من بعض الآيات أن هناك موجوداتٍ حيةً في السماوات كقوله تعالى  في سورة الشورى : ” و من آياته خَلْقُ السموات و الأرض و ما بثّ فيهما من دابة و هو على جمعهم إذا يشاء قدير ” حيث تدل على وجود موجودات حية قد خلقها الله تعالى في السماوات و أنه جل و علا قادر على جمعهم ( و إرجاع الضمير المذكر الي تلك الموجودات – في قوله جل و علا : و هو على جمعهم .. – يدل على أنهم أو بعضهم من ذوي العقول أو أن لهم حظاً من العقل و التعقل .. ) ، فمن المحتمل أن يكون من بين هؤلاء موجودات بِرُتبةِ الإنسان و درجتِه ..

و طبعاً هذا – أعني وجود من لم يُفَضَّل الإنسان عليه و لم يُفَضَّل على الإنسان – بالنسبة للإنسان بما هو إنسان و أما الإنسان الكامل الذي قد بلغ عليا درجات الكمال المتمثل في أهل بيت النبوة الختمية صلوات الله عليهم أجمعين فهم أعلى من الجميع حسب ما يستفاد من بعض الآيات و ما ورد في الروايات من أنه لولاهم لما خلق الله تعالى شيئاً من الموجودات ، و توضيح ذلك موكول إلى محله ويتطلب مجالاً أوسع ..

و هناك احتمال آخر و هو أن المقصود من الكثير هو الجميع ( و قد يكون باعتبار كثرة من سوى الإنسان من المخلوقات مقارنةً إليه ) حيث يستعمل لفظ الكثير بمعنى الجميع في اللغة العربية و قد ورد ذلك في القرآن الكريم في موضع آخر أيضاً كقوله تعالى في سورة الشعراء : ” هل أنبئكم على من تَنَزّلُ الشياطين * تَنَزَّلُ على كل أفاك أثيم * يلقون السمع و أكثرهم كاذبون ” فمع أن الشياطين كلهم كاذبون يقول أن أكثرهم كاذبون فالمقصود جميعهم لا أكثرهم بالمعنى المتعارف ..

فمعنى آية تفضيل الإنسان على كثير ممن خلقهم الله تعالى على هذا التفسير هو : أن الله تعالى قد فضَّل الإنسان على غيره ممن خلقهم الله عز و جل و هم كثيرون  ..

موفقين لكل خير محروسين من كل سوء و شر و لا تنسوني من صالح أدعيتكم الخالصة ..

أيوب الجعفري

ليلة الأحد ٢٠ من شهر رمضان المبارك ١٤٤٠ ق

الموافق ٢٦ / ٥ / ٢٠١٩ م

https://telegram.me/ayoobaljafary